إستحباب البشارة من رسول الله .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

إستحباب البشارة من رسول الله .. بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم الذي روي عنه الوليد بن عقبة رضي الله عنه فقال “لما فتح نبي الله صلى الله عليه وسلم مكة جعل أهل مكة يأتونه بصبيانهم فيدعو لهم بالبركة ويمسح رءوسهم” رواه أبو داود، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال ” كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة ومعه بلال، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال ألا تنجز لي ما وعدتني؟ فقال له أبشر، فقال قد أكثرت عليّ من أبشر، فأقبل على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان، فقال ردّ البشرى.
فاقبلا أنتما، قالا قبلنا، ثم دعا بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه، ومج فيه ثم قال اشربا منه، وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا، فأخذا القدح ففعلا، فنادت أم سلمة رضي الله عنها من وراء الستر أن أفضلا لأمكما فأفضلا لها منه طائفة” رواه البخاري، وقال الإمام النووي ” في الحديث فضيلة ظاهرة لأبي موسى وبلال وأم سلمة رضي الله عنهم وفيه استحباب البشارة واستحباب الازدحام فيما يُتبرك به وطلبه ممن هو معه، والمشاركة فيه ” وعن السيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها أخرجت جبة طيالسة وهو نوع من الثياب، وقالت “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى يُستشفى بها” رواه مسلم، وعن يزيد بن أبي عبيد رضي الله عنه قال “رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت يا أبا مسلم ما هذه الضربة؟
فقال هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس أصيب سلمة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات، فما اشتكيتها حتى الساعة” رواه البخاري، ومن ذلك ما حصل مع الصحابي عبد الله بن عتيك رضي الله عنه حينما انكسرت ساقه في طريق عودته من قتل أبي رافع اليهودي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “ابسط رجلك، قال فبسطت رجلي فمسحها، فكأنها لم أشتكها قط ” رواه البخاري، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال “دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ فصبّوا علي من وضوئه فعقلت” رواه مسلم، ومن ذلك بركة يده صلى الله عليه وسلم فيما لمسه وغرسه لسلمان رضي الله عنه، فعن وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
“أنه أخبره أن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وسقا لرجل من اليهود، فاستنظره جابر، فأبى أن ينظره، فكلم جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفع إليه، فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلم اليهودي ليأخذ تمر نخله بالذي له، فأبى، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى فيها، ثم قال يا جابر، جد له فأوفه الذي له، فجدّ بعدما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوفاه ثلاثين وسقا، وفضلت له سبعة عشر وسقا، فجاء جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره بالذي فعل، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه فأخبره أنه قد وفاه، وأخبره بالفضل الذي فضل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أخبر ذلك ابن الخطاب”
فذهب جابر إلى عمر فأخبره، فقال عمر رضي الله عنه، لقد علمت حيث مشى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليباركن الله عز وجل فيها” رواه البخاري، ولقد توقع عمر رضي الله عنه أن يقضي التمر مع قلته دّين جابر رضي الله عنه وذلك ليقينه ببركة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن حجر ” وفيه علم ظاهر من أعلام النبوة، لتكثير القليل إلى أن حصل به وفاء الكثير، وفضل منه، أي تبقي منه” وقال ابن كثير ” وهذا الحديث قد روي من طرق متعددة عن جابر بألفاظ كثيرة، وحاصلها أنه ببركة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودعائه له، ومشيه في حائطه وجلوسه على تمره، وفّى الله دين أبيه، وكان قد قتل بأحد، وجابر كان لا يرجو وفاءه في ذلك العام ولا ما بعده، ومع هذا تبقي له من التمر أكثر وفوق ما كان يؤمله ويرجوه ولله الحمد والمنة “