د. لبنى يونس تكتب/الجنازة حامية … والميت كلب!

د. لبنى يونس تكتب/الجنازة حامية … والميت كلب!
من الأمثال التي حفظتُها من جدَّتي رحمها الله: الجنازة حامية، والميت كلب!
والمثل يُضربُ لكل من تُقام له فعالية أكبر من حجمه! فالأمثال بمعناها لا بألفاظها، غير أني لأول مرَّة أجدُ مثلاً ينطبقُ على حالةٍ ما بلفظه ومعناه!
منذ أيامٍ انتشرت صورة لصلاة جنازة حامية على جنديٍّ كلبٍ في جيش الاحتلال اسمه أحمد، مسلمٌ كما يوحي اسمه، من أصلٍ عربيٍّ كما توحي وجوه المصلين عليه! غير أنها ، وكما تعرفون، بالأعمال لا بالأسماء، وبالعقيدة لا بالأصل، فأبو لهبٍ الهاشميّ وأبو جهلٍ القرشيّ في النَّار، وبلال الحبشيُّ وصهيبٌ الرُّوميّ في الجنّة!
كان النَّعشُ ملفوفاً بعلم دولة الاحتلال، ولستُ أدري إن كانوا قد غسَّلوا جيفته فأزالوا دماء أطفال غزَّة عن يديه، ولستُ أعلمُ إن كانوا قد كفَّنوه فخلعوا عنه بذلته العسكرية التي عليها غبار مساجد خان يونس التي ساواها بالأرض الجيش الذي يُقاتل تحت رايته! ولكنهم رفعوا أيديهم يسألون الله له المغفرة! والمشكلة ليست في الكلب الذي في النَّعش فهذا حكمه في الشَّرع معروف وواضح ولا خلاف فيه، مرتَدٌّ مُحارب لا يُصلّى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين ولا يُورَثُ، وتُوارى جيفته في أي تراب كي لا يُؤذي نتنها النَّاس! المشكلة في هؤلاء الحمقى الذين أقاموا هذه الجنازة الحاميّة للكلب، وفي والده الذي تحدّثَ عن بطولاتِ ابنه كيف كان إذا رأى عاطلاً عن العمل وبّخه قائلاً: لماذا لا تلتحق بالجيش؟!
وعندما اُستدعيَ للذّهاب إلى الحرب في غزّة جاء إلى البيت فوجد مفتاح خزانته التي فيها بذلته العسكريّة وسلاحه مع والدته وهي خارج البيت، فقام بخلها كي لا يتأخر عن واجبه إذا انتظرها ريثما تعود!
والمشكلة في الحمقى عن بُعْدٍ في مواقع التواصل الذين تحدَّثوا أنَّ له ما له وعليه ما عليه! هؤلاء المسلمين “الكيوت” الذين يُخشى أن تُخرجهم “كياتتهم” من الدِّين الذي خرج منه أحمد لا من اللحظة التي بدأ فيها بقتل أطفال غزَّة، وإنما من اللحظة التي انتسبَ فيها إلى جيش الاحتلال!
صلى النَّبيُّ ﷺ على ابن سلول، قبل أن يُنهى عن الصَّلاة على المنافقين، فلم ينتفع ابن سلولٍ بذلك! هذا لأنَّ للدّين نواقضاً لا يُصلحها شيء ولو صلى عليك الأنبياء!
قاتلَ بعض “المسلمين” في صفوف التتار إبَّان غزوهم لبلاد المسلمين، فكأنَّ بعض المجاهدين من شدَّة حرصهم على عدم سفك دمٍ حرامٍ، وجدوا حرجاً في قتل هؤلاء، إذ ذاك قال لهم ابنُ تيمية قولته الشَّهيرة:
إذا رأيتموني في جانب التتار وعلى رأسي مصحفٌ، فاقتلوني!
العقيدة لا مواربة فيها، والولاء والبراء لا يوجد فيه منطقة وسطى، والحربُ في غزَّة صراعٌ بين إيمانٍ وكفرٍ لا لبس فيهما، ولا تقبلُ اللون الرَّماديِّ، فإن كان الرّاضي بقتل أهل غزَّة، والشامت بدمائهم قد خلعَ إسلامه وهو في بيته، فكيف بمن يُشارك في قتلهم بيديه؟!
دكتورة لبني يونس