الدكرورى يكتب/ عن تأخر عبد الرحمن عن الدخول

الدكرورى يكتب/ عن تأخر عبد الرحمن عن الدخول
الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن الصحابي الجليل الغني الشاكر عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “دخلت الجنة فسمعت خشفة، فقلت ما هذا؟ قيل بلال، إلى أن قال “فاستبطأت عبد الرحمن بن عوف، ثم جاء بعد الإياس، فقلت عبد الرحمن؟ فقال بأبي وأمي يا رسول الله، ما خلصت إليك حتى ظننت أني لا أنظر إليك أبدا، قال وما ذاك ؟قال من كثرة مالي أحاسب وأمحص” ويقول الذهبي “وبكل حال، فلو تأخر عبد الرحمن عن رفاقه للحساب ودخل الجنة حبوا على سبيل الاستعارة.
وضرب المثل، فإن منزلته في الجنة ليست بدون منزلة علي والزبير رضي الله عن الكل، وأيضا ما جاء في الأثر “رأيت الجنة، وأني دخلتها حبوا، ورأيت أنه لا يدخلها إلا الفقراء، فهذا وغيره منام، والمنام له تأويل، وقد انتفع ابن عوف رضي الله عنه بما رأى، وبما بلغه، حتى تصدق بأموال عظيمة، أطلقت له ولله الحمد قدميه، وصار من ورثة الفردوس، فلا ضير، ومن مناقب عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له بالجنة، وأنه من أهل بدر الذين قيل لهم “اعملوا ما شئتم” ومن أهل هذه الآية “لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة” وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى عبد الرحمن بن عوف وهو يصلي بالناس، فأراد عبد الرحمن أن يتأخر، فأومأ إليه أن مكانك، فصلى.
وصلى رسول الله صلي الله عليه وسلم بصلاة عبد الرحمن رضي الله عنه، وقد باع عبد الرحمن أرضا له من عثمان رضي الله عنهما بأربعين ألف دينار، فقسمه في فقراء بني زهرة، وفي المهاجرين، وأمهات المؤمنين، وقال المسور فأتيت السيدة عائشة رضي الله عنها بنصيبها، فقالت من أرسل بهذا؟ قلت عبد الرحمن، قالت أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “لا يحنو عليكن بعدي إلا الصابرون” سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة، وروي ابن اسحاق عن ابن عبد الرحمن بن عوف كنا نسير مع عثمان في طريق مكة، إذ رأى عبد الرحمن بن عوف، فقال عثمان ما يستطيع أحد أن يعتد على هذا الشيخ فضلا في الهجرتين جميعا، ويعتبر هذا الموقف من أنبل المواقف في حياة الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
الذي ظهر فيه حبه للمسلمين، وتقديم مصالحهم، كما يظهر أنه كان بريئا من العجز البشري، وذلك في قيامه لتنصيب الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه عقب استشهاد الفاروق عمر بن الخطاب، حيث خلع نفسه من الشوري وجعل صوته لعثمان ولم يعطه لسعد بن أبي وقاص وهو من بني زهرة مثله، كما أن كتب التاريخ تذكر كما ذكر ذلك ابن قتيبة في ” المعارف” أنه كان بين عبد الرحمن بن عوف وعثمان تهاجر ومع ذلك لم يمنعه من اختيار الأكفأ، وروي مالك، عن الزهري عن سعيد أن سعد بن أبي وقاص أرسل إلى عبد الرحمن رجلا وهو قائم يخطب أن ارفع رأسك إلى أمر الناس، أي ادعو إلى نفسك، فقال عبد الرحمن ثكلتك أمك، إنه لن يلي هذا الأمر أحد بعد عمر إلا لامه الناس، وبذلك كان يقول الإمام علي رضي الله عنه يقول اذهب يا ابن عوف، فقد أدركت صفوها، وسبقت رنقها، والرنق هو “الكدر”