الدكروري يكتب عن : الإنتصار على التآكل والهزال الروحي

الدكروري يكتب عن : الإنتصار على التآكل والهزال الروحي
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، أحمدك اللهم حمدا ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء، وأشكرك وأستغفرك، وأشهد أنك أنت الله وحدك لا شريك لك، ولا حول ولا قوة إلا بك، بك نحول، وبك نصول، وبك نقاتل، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدك ورسولك الذي جاهد في الله حق جهاده، جاهد بسيفه ولسانه وسنانه، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه أما بعد، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من شيء أثقل فى ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء” رواه الترمذى، لذلك فإن الإنتصار على السيء من الأخلاق، وعلى العادات السيئة كذلك، التى يكون العبد قد تعودها قبل رمضان من الغايات العظمى التي ينبغي أن يجعلها المؤمن على سلم أولوياته فى هذا الشهر.
وإن من الإنتصار فى الشهر المبارك هو الإنتصار على التآكل والهزال الروحى، فإن هموم الحياة ومشاغلها وضغوطها، تنحت من الجانب الروحى والإيمانى للمؤمن، فإن لم يتعهدها دائما بالتجديد والتزود فإنه الهلاك بعينه، فتأتي نفحات رمضان وفيوضاته الروحية ليستدرك بها وفيها مانقص من إيمانه، وماتآكل وهزل وجف من روحه، فيجدد التوبة والأوبة والرجوع إلى مولاه، ويكثر من الإستغفار والتذلل والإنكسار والإنابة إليه، ويتصالح مع الصلاة والقرآن والأذكار، ويكثر من الصدقة والإنفاق في سبيل الله، فما يمر عليه الشهر إلا وهو ممتليء روحيا يقظ إيمانيا، ويجد نفسه وقد ردت إليه روحه التى كاد أن يفقدها في زحمة المغريات والشهوات والجواذب والصوارف، وتخلص من تآكلها وهزالها وجفافها، بعد أن كانت قاحطة جدباء.
وأنها قد أشرقت بنور ربها، بعد أن أظلمت وأدلهمت بكثرة الذنوب والمعاصى والآثام والتقصير في جنب الله عز وجل، فيخرج من محطة الصيام وهو أقوى إيمانا وأرق فؤادا وأنور قلبا وأهنأ بالا وأكثر إطمئنانا وأشف روحا وأشد عزما وأصلب عودا وأوفر سكينة وأعظم زادا، فما عليه إلا أن يواصل الترقى الروحي ويحافظ على كل ذلك لينتفع بها بعد رمضان، فالحذر كل الحذر أن يخرج عليك رمضان وأنت تراوح مكانك روحيا، فلا أنت تخلصت من جفافها وتآكلها، ولا أنت إستطعت أن تتفوق في عمليتى التخلية والتحلية، فإن كان فأعلم بأنك قد إنهزمت في معركة الروح وأنك حرمت بركات الشهر وفضائله، فإن هذه الإنتصارات ينبغى على العبد المؤمن الصائم أن يحققها، وأن تكون برنامجه العملى في رمضان.
حتى يحكم له بأنه قد كتب فى عداد الفائزين والناجحين والحاصلين على الجوائز، وأنه قد قدم الدلائل العملية البينة والقوية للقبول في مدرسة الثلاثين يوما، ووضع لبنة صالحة لتقريب موعد النصر وزيادة فرصه للأمة ودينها، وبأن لايكون حجر عثر في طريق تحقيق ذلك بتكاسله وهزائمه المتكررة أمام شيطانه وشهواته ونفسه وهواه ولسانه،فاللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، آلا إنها دعوة لأهل الإسلام جميعا إلى أن يتمسكوا بميراثهم الحقيقي كتاب الله وسنة رسوله آلا إنها دعوة إلى التكاتف على تحقيقهما في جميع المجالات التشريعية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية و جميع جوانب الحياة، آلا إنها دعوة للحذر، فاللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.