الدكروري يكتب عن: القصاص وخيانة الأمانة

 

الحمد لله السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ثم أما بعد يقول الله سبحانه وتعالى كما جاء في سورة البقرة ” ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون” ولكم في القصاص حياة، أي بقاء عظيم يا ذوي العقول لأن القاتل إذا علم أنه سيُقتل ارتدع فأحيا نفسه ومن أراد قتله فارتدع، ثم ختم الله تعالي الآية بقول طلعلكم تتقون” أي تتقون القتل مخافة القصاص كما قتل غيره، وعلى ذلك فقس، فكل الجرائم الأخرى تلحق بالقتل فالسارق يخشى أن تقطع يده والزاني يخشى الرجم وبهذا تسلم الأمة من غضب الجبار تبارك وتعالى ومن نقمته وسطوته وغضبه، فما أحرانا وأجدرنا باتباع هدي القرآن الكريم وهدي النبي صلى الله عليه وسلم. 

حتى يكتب للأمة النصر والرحمة من الله تعالى، روي عن أبو هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أدي الأمانةَ إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك ” رواه الترمذي وأبو داود، وكما روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن الخازن المسلم الأمين الذي يُعطي ما أمر به، فيعطيه كاملا موفّرا، طيبة به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر له به، أحد المتصدقين” رواه البخاري ومسلم، وكما قال صلى الله عليه وسلم ” المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا ” وقال ” الخازن الأمين الذي يعطي ما أمر به طيّبا به نفسه أحد المتصدقين ” رواه النسائي، ألا وإن من خيانة الأمانة أن يستدين الشخص مالا ثم يماطل ولا يرده إلى صاحبه، وإن هذا هو الغدر وذلكم اللؤم، ونذير الشؤم على هذه الأمة، فمن كان محتاجا واستدان. 

ثم منّ الله عليه بالخير الوفير، فليعلم أنه يجب الوفاء بالدين ويجب رد الأمانة إلى صاحبها ومن لم يفعل ذلك وترك صاحب المال يطلبه وهو يتهرب عن لقائه فقد ظلم نفسه وخان الأمانة وتجاوز حدود الله عز وجل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدّث القوم جاءه أعرابي فقال متى الساعة ؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدّث، فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قال ” أين السائل عن الساعة ؟ ” قال ها أنا يا رسول الله، قال ” إذا ضيّعت الأمانة فانتظر الساعة ” قال كيف إضاعتها يا رسول الله ؟ قال ” إذا وُسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ” رواه البخاري، وأمعنوا النظر في هذا الحديث ولا تمروا عليه مرورا لا خير فيه، بل تأملوا كل كلمة منه.

خيانة الأمانة دليل على قرب الساعة ودليل الإضاعة هو توسيد الأمر إلى غير أهله ويعني تولية زمام أمور المسلمين لغير أهل الصلاح والخير والفضل من العلماء والصالحين، بل يولى على المسلمين أفسقهم وأجرمهم وأسوأهم، لاسيما وسائل الإعلام، من الفم الناطق باسم الإسلام والمسلمين ولا تخلو دولة من أولئك الأشرار المنبطحون لعادات الغرب، والمنبهرون بتفاهتهم وسفاهتهم حتى أصبحنا في بلاد الإسلام نتبع قوانين الكفار، ونترك كتاب الله تعالى ونهجر سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ونستبدل الخبيث بالطيب، واعلموا يرحمكم الله إن بلاد الإسلام يجب أن تسير على منهج الله القويم وصراطه المستقيم وتعمل بما صح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتمنع كل أمر يؤدي إلى معصية الله تعالى، أو معصية نبيه صلى الله عليه وسلم، لاسيما التعاملات الربوية. 

ووجوب إقامة الحدود على الجناة والمجرمين حتى ينعم الناس بالأمن والأمان وإقامة الحدود والقصاص من الأمانة التي ألقيت على عاتق الحكام والرؤساء ومن لم يطبق شرع الله في حق المستحقين له محاباة لأحد من الناس أو مجاملة له، أو خوفا من دولة أو منظمة إنسانية أو حبا للبقاء في كرسيه ومنصبه فهو خائن لله ولرسوله وللناس أجمعين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى