الحث على حُسن القضاء .. بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــرورى

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد يبدأ الحساب يوم القيامة بعدما يتلقى كل إنسان صفيحته حسب عمله فمن كان مؤمنا يأخذ صحيفته باليمين ويكون من السعداء، ومن كان غير ذلك يأخذ صحيفته بالشمال من وراء ظهره ويكون من الأشقياء، ثم يُنصب ميزان الله تعالى وبعد ذلك يتقدّم الناس فردا فردا ليحاسب كل إنسان على ما عمل، وتوزن الأعمال فمن ثقلت حسناته على سيئاته يعيش عيشة راضية في الجنة، بخلاف من خفت حسناته وثقلت سيئاته فمصيره إلى النار، وفي الحساب يُسأل الإنسان عن كل أعماله في الحياة الدنيا، حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم.

” لا تزول قدما عبدٍ حتى يُسأل عن عمُره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقَه، وعن جسمه فيما أبلاه ” وإن حساب المؤمن يوم القيامة يكون مجرد عرض لأعماله، وحساب المؤمن يكون حساب يسير، وهذا من فضل الله تعالى ورحمته بعبده المؤمن، فالمؤمن لا يُناقش بحسابه يوم القيامة، فيُظهر الله للعبد المؤمن أعماله في الدنيا التي سترها عليه، ويعترف العبد بذنوبه ويتجاوز الله تعالى عنها، بخلاف غير المؤمن الذي يناديه الله تعالى على رؤوس الأشهاد، ويسأله عن كل صغيرة وكبيرة فيُحاسب حسابا عسيرا، وإذا حاول إنكار ذنوبه يُختم على فمه، وإن من طرق السعاده في الدنيا والآخرة هو أن يقضي حقوق الناس بخير منها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل يتقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا، فقال “أعطوه سنا فوق سنه”

وقال “خيركم أحسنكم قضاء” رواه مسلم، وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله، في هذا الحديث، الحث على حُسن القضاء، وحُسن القضاء يكون بأمور منها، أن يقضيه خيرا مما يطلبه، ومنها ألا يماطله، ومنها أن يعطيه بسماحة، لا بتكره، لأن بعض الناس يُوفي، ولا يماطل، لكن إذا أعطاك فكأنه يمُن عليك بشيء هو واجب عليه، وإن من طرق السعاده هو الحذر من الخصال التي تجعل الإنسان من شر الناس فيبغضه الناس، فإن كل إنسان عاقل يرغب أن يكون من خير الناس، ولا يرغب أن يكون من شر الناس، وشر الناس من طال عمره، وساء عمله، نسال الله السلامة والعافية، فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “شرّ الناس من طال عمره وساء عمله” رواه الترمذي.

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله كتبت أم المؤمنين السيدة عائشة إلى معاوية رضي الله عنهم أما بعد، فإن العبد إذا عمل بمعصية الله، عاد حامده من الناس ذاما، وعن سالم بن أبي الجعد عن أبي الدرداء قال ليحذ امرؤ أن تعلنه قلوب المؤمنين، من حيث لا يشعر، ثم قال أتدري مم هذا؟ قلت لا، قال إن العبد يخلو بمعاصي الله، فيلقي الله بغضة في قلوب المؤمنين، من حيث لا يشعر، وإن هناك خصال ينبغي أن يحذر منها العبد لئلا يكون من شر الناس، ومن هذه الخصال ألا يرجى منه خير وأن يُخاف من شره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “شركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره” رواه أحمد، ومن لا يرجي إحسانه، ولا يؤمن شره، فهو مكروه عند الناس.

أو أن يكون مفسدا بين الناس ويمشي بينهم بالنميمة، فعن أسماء بنت يزيد سكن الأنصاري رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أخبركم بشراركم؟” قالوا بلى قال “فشراركم المفسدون بين الأحبة المشاؤون بالنميمة الباغون البراء العنت” رواه أحمد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى