اللطيف يبتلي عباده بالمصائب ليطهرهم .. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم أما بعد، إن من المواطن التي ينبغي أن يتحلى العبد فيها بالقوة أكثر من غيرها هو عند إستقبال أقدار الله تعالى حيث أن المؤمن القوي يتقبل ما يقضي به الله تعالي من غير تردد ولا معارضة، وكيف لا نرضى ونحن نوقن أن الله تعالي هو الرحمن، فهو أرحم بعباده من الأم بولدها؟ فكيف لا نرضى ونحن نعتقد أن الله عز وجل هو العليم، يعلم ما يصلح عبده وما يضره، والعبد جاهل لا يرى إلا تحت قدميه؟ وكيف لا نرضى ونحن نؤمن أن الله هو اللطيف يبتلي عباده بالمصائب ليطهرهم من الذنوب والمعائب؟ 

وكيف لا نرضى ونحن نوقن أن الله سبحانه هو الودود، يتودد إلى عباده بنعمة اللامحدودة، فقيل أنه لما إنتهى المسلمون من غزوة حنين ظافرين غانمين وزع النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم على المسلمين واهتم خاصة بالمؤلفة قلوبهم ليكون ذلك تثبيتا لهم على إسلامهم، ووكل أصحاب الإيمان إلى إيمانهم وإسلامهم، فتساءل الأنصار في مرارة لماذا لم يعطهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حظهم من الفيء والغنائم وأخذوا يتهامسون بذلك، فسمع سعد بن عبادة همسهم وكلامهم فذهب من فوره إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما، صنعت في هذا الفيء الذي أصبته، قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء.

فسأله النبي صلى الله عليه وسلم “وأين أنت من ذلك يا سعد ؟ فأجاب سعد بصراحة قائلا “ما أنا إلا واحد من قومي” فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “إذن فاجمع لي قومك” فجمع سعد قومه من الأنصار وأمر النبي صلى الله عليه وسلم ألا يدخل عليهم أحد وهو معهم، فجاءهم بأبي هو وأمي، فنظر في وجوههم، فتبسم في وجوههم ابتسامة متألقة، وهي ابتسامة عرفان وتقدير لصنيعهم، ثم قال صلى الله عليه وسلم ” يا معشر الأنصار ماقالة بلغتني عنكم ؟ وجدة وجدتموها عليّ في أنفسكم ؟ ألم آتكم ضلالا فهداكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي، وأعداء فألّف الله بين قلوبكم بي، قالوا بلى الله ورسوله أمنّ وأفضل، فقال صلى الله عليه وسلم ” ألا تجيبوني يا معشر الأنصار ؟ قالوا بما نجيبك يا رسول الله ؟ لله ورسوله المنّ والفضل، فقال صلى الله عليه وسلم. 

” أما والله لو شئتم لقلتم ولصدقتم وصُدّقتم أتيتنا مُكذّبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وعائلا فآسيناك وطريدا فآويناك، يا معشر الأنصار أوجدتم في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم لإسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعون أنتم برسول الله في رحالكم ؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعون أنتم برسول الله في رحالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار” فبكى الأنصار حتى أخضلوا لحاهم واختلطت دموعهم بدموع حبيبهم، فصاحوا جميعا وسعد معهم رضينا برسول الله قسما وحظا” فيالله فما أجمله من منظر، وما أروعه حين يعبر الصادقون بدموعهم عن حبهم وشوقهم لحبيبهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى