بالعلم تزداد العقول هدى ورشدا .. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الحمد لله خلق فسوى وقدر فهدى، أحمده سبحانه وأشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يعلم الجهر وما يخفى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المتقين في الآخرة والأولى، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى، ثم أما بعد إن العلم تعلمه لله تعالي خشية وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة لأنه معالم الحلال والحرام، ومنار سبل أهل الجنة، وهو الأنس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الإخلاء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وأئمة، تقتص آثارهم، ويقتدي بأفعالهم.
وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس وحيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظلم، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار والدرجات العلا في الدنيا والآخرة، التفكر فيه يعدل الصيام، ومدارسته تعدل القيام، به توصل الأرحام، وبه يعرف الحلال من الحرام، وهو إمام العمل والعمل تابعه، ويلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء، وقد جاء في سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم بيان فضل العلم وأنه من أعظم القربات واقصر الطرق إلى الجنة فيقول النبي صلي الله عليه وسلم “من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء.
وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر ” فاعلموا أنه لا رتبة فوق رتبة من تشتغل الملائكة وغيرهم بالإستغفار والدعاء له، وتضع له أجنحتها رضا بالصنيع، ولا أدل على فضل العلم ومنزلته من قول علي رضي الله عنه قال “كفى بالعلم شرفا أن يدعيه من لا يحسنه، ويفرح به إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذما أن يتبرأ منه من هو فيه” فالعلم هو النور الذي يبدد ظلام الجهل وهو القوة والعزة والمنعة، بالعلم تزداد العقول هدى ورشدا، وترتقي النفوس فتمتلئ ثقة وعزما، من أوتيه فقد حزم أمره وكمل له عقله ورصن فهمه ومتن قوله وجمع من الخير الكثير، ألا فاتقوا الله وأطلبوا العلم تفلحوا.
وأتقوا الله واعلموا أن السعادة الحقيقية هي سعادة العلم النافعِ ثمرته، فإنها هي الباقية على تقلب الأحوال، والمصاحبة للعبد في جميع أسفاره وفي دوره الثلاثة، أعني دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار، وبها يرتقي معارج الفضل ودرجات الكمال، فاللهم إنا نسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا صالحا متقبلا ، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم اجعلنا في بلادنا آمنين مطمئنين وسائر بلاد المسلمين، اللهم من أراد بلدنا هذا أو بلاد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره، اللهم من أراد أن يمس إيماننا وأمننا اللهم فابطش به يا رب العالمين، اللهم ردنا إلى الإسلام ردا جميلا، وجنبنا منكرات الأعمال والأهواء والأقوال يا رب العالمين، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك.