الدكـــروري يكتب: العواتق فوق البيوت يتراءينه

 

الحمد لله إقرارا بوحدانيته، والشكر له على سوابغ نعمته، إختص بها أهل الصدق والإيمان بصدق معاملته، ومن على العاصي بقبول توبته، ومد للمسلم عملا صالحا بوصيته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المفضل على جميع بريته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية أنه بعد أن أذن الله تعالى لنبيه المصطفي صلى الله عليه وسلم بالهجرة، وأذن الرسول لصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه بالصحبة معه في هجرته، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فأقاما في غار جبل ثور ثلاث ليال، يبيت عندهما عبدالله بن أبي بكر، وكان غلاما شابا ذكيا واعيا، فينطلق في آخر الليل إلى مكة. 

فيصبح مع قريش، فلا يسمع بخبر حول النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلا وعاه، حتى يأتي به إليهما حين يختلط الظلام، فجعلت قريش تطلب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من كل وجه، وتسعى بكل وسيلة، ليدركوا النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم حتى جعلوا لمن يأتي بهما أو بأحدهما ديته مائة من الإبل، ولكن الله تعالي كان معهما يحفظهما بعنايته، ويرعاهما برعايته، حتى إن قريشا ليقفون على باب الغار فلا يرونهما، فقال أبو بكر رضي الله عنه “قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا؟ فقال لا تحزن إن الله معنا، ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟” حتى إذا سكن الطلب عنهما قليلا، خرجا من الغار بعد ثلاث ليالي، متجهين إلى المدينة على طريق الساحل.

فلحقهما سراقة بن مالك المدلجي على فرس له، فالتفت أبو بكر رضي الله عنه، فقال يا رسول الله، هذا الطلب قد لحقنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم “لا تحزن إن الله معنا” ووصل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة التي كان أهلها ينتظرون قدومه إليهم، فلما رأوه هبوا للقائه فرحين بقدومه، قال أبو بكر رضي الله عنه “فخرج الناس حين قدمنا المدينة في الطرق وعلى البيوت من الغلمان والخدم يقولون جاء محمد، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم” وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ” إني لأسعى في الغلمان يقولون جاء محمد، فأسعى فلا أرى شيئا، ثم يقولون جاء محمد، فأسعى فلا أرى شيئا، قال حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر، فكمنا في بعض حرار المدينة، ثم بعثا رجلا من أهل البادية ليؤذن بهما الأنصار.

فاستقبلهما زهاء خمسمائة من الأنصار حتى إنتهوا إليهما، فقالت الأنصار إنطلقا آمنين مطاعين، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بين أظهرهم، فخرج أهل المدينة، حتى إن العواتق لفوق البيوت يتراءينه، يقلن أيهم هو، أيهم هو؟ قال فما رأينا منظرا شبيها به يومئذ، قال أنس بن مالك ولقد رأيته يوم دخل علينا ويوم قبض، فلم أري يومين شبيها بهما” فاتقوا الله عباد الله، وصلوا وسلموا على محمد رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم “من صلى عليّ صلاة، صلى الله عليه بها عشرا” فاللهم صلي وسلم على نبيك محمد وعلى آله وصحبه ومن إهتدى بهديه وإتبع سنته إلى يوم الدين، وارضي اللهم عن أصحابه أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى