إزالة مقابر العبور دون علم أصحابها.. مأساة تحمل علب الموتى

محمود سعيدبرغش
في مشهد يثير الكثير من التساؤلات والغضب، تم مؤخرًا إزالة مقابر بمنطقة العبور دون إخطار مسبق لأصحابها. خطوة كهذه، وإن كانت تُبرر أحيانًا بمشروعات التوسع العمراني أو تطوير البنية التحتية، إلا أنها تترك وراءها ندوبًا عميقة في قلوب العائلات المتضررة.
الصدمة الأولى: لا إخطار ولا تحذير
تفاجأ الكثير من المواطنين بأن المقابر التي دفنوا فيها أحبّاءهم قد أزيلت دون أي إخطار رسمي. هذه الخطوة لم تُترك لهم أي فرصة لنقل رفات موتاهم أو حتى الترتيب لذلك، مما أدى إلى حالة من الغضب والارتباك.
المأساة الإنسانية: علب تحمل الرفات
في أعقاب عمليات الإزالة، سُلِّمت بعض العائلات ما أُطلق عليه “علب الموتى”، وهي صناديق تحتوي على رفات أحبائهم. بالنسبة للكثيرين، هذا الإجراء لم يكن تعويضًا كافيًا، بل كان صدمة إضافية تزيد من شعورهم بالإهانة.
التبرير الرسمي: بين التطوير وإهمال الإنسان
تتذرع الجهات الرسمية بأن إزالة المقابر تأتي في إطار مشروعات التطوير العمراني، مثل إنشاء طرق جديدة أو توسيع المدن. ومع ذلك، يظل التساؤل قائمًا: لماذا لا يتم التنسيق مع أصحاب المقابر بشكل مسبق؟ ألا يمكن تحقيق التطوير دون الإضرار بمشاعر وحقوق المواطنين؟
القانون والتعويضات
وفقًا للقانون، يجب إخطار أصحاب الأراضي أو المقابر قبل أي إجراء يتعلق بإزالتها، بالإضافة إلى تعويضهم ماديًا أو تقديم بدائل مناسبة. ومع ذلك، يشكو الكثيرون من عدم تنفيذ هذه الخطوات بالشكل المناسب، مما يثير تساؤلات حول الشفافية واحترام حقوق الأفراد.
الأبعاد الاجتماعية والدينية
القضية لا تتعلق فقط بالماديات، بل لها أبعاد اجتماعية ودينية عميقة. في الثقافة العربية والإسلامية، للمقابر حرمة كبيرة، ووجودها يمثل امتدادًا لذكريات العائلات وهويتهم. إزالة هذه المقابر دون احترام لهذه القيم يعكس فجوة كبيرة في التواصل بين الجهات المسؤولة والمجتمع.
دعوة للحوار والشفافية
لحل هذه الأزمة المتكررة، يجب على الجهات المسؤولة تبني سياسات أكثر شفافية وحساسية. التنسيق مع المواطنين، توفير بدائل لائقة، وإظهار الاحترام لحرمة الموتى هي خطوات أساسية لضمان عدم تكرار هذه المآسي
في النهاية، يبقى السؤال مطروحًا: كيف يمكن أن نوازن بين التطوير العمراني واحترام إنسانية الأفراد وذكرياتهم؟ الإجابة على هذا السؤال تتطلب إرادة حقيقية لبناء مستقبل أكثر عدالة وإنسانية.