الأخلاق أساس البناء التربوي.. بقلم: الزهرة العناق

في زمن غلبت فيه الأرقام على القيم، وتحول التعليم عند البعض إلى مجرد سباق نحو الشهادات والدرجات، تبرز مسؤولية المربي والموجه والمكون كحاملي شعلة الأخلاق في عالم يميل نحو التفكك الأخلاقي والانحراف عن جوهر التربية. إن الرسالة الأسمى للتعليم لا تقتصر على غرس المعارف وحشو الأذهان بالمعلومات، بل تتجلى في بناء النفوس وتعزيز القيم التي تجعل الإنسان أهلا لتحمل مسؤوليته في هذا العالم.
الأخلاق هي الجسر الذي يربط بين المعرفة والعمل، بين التعلم والتطبيق. فما جدوى أن يحصل الطالب على أعلى الدرجات، ويعتلي منصات التفوق، وهو فاقد للبوصلة الأخلاقية؟ أليس من الأولى أن ننشئ جيلا يمتلك من القيم ما يزن به قراراته، ومن الأخلاق ما يحكم به علاقاته، ومن المكارم ما يحمي به مجتمعه؟
*دور المربي في غرس الأخلاق
المربي هو الحارس الأمين الذي يعيد للأخلاق مكانتها في العملية التعليمية. هو الذي يعلم الطالب أن النجاح الحقيقي لا يقاس بالأرقام، بل يقاس بقدرته على أن يكون إنسانا نافعا، يعطف على الضعيف، ويعفو عن المسيء، و يسمو بنفسه فوق الصغائر.
إن تربية الطالب على مكارم الأخلاق تبدأ من القدوة الصالحة؛ فالمربي الذي يتحلى بالصدق والإخلاص والتفاني في عمله يترك أثرا أبلغ من أي درس نظري.
على المربي أن يعيد تعريف النجاح للطالب. فالنجاح ليس في التفوق الدراسي وحده، بل في اكتساب مهارات الحياة والقدرة على التعامل مع الآخرين بإنسانية واحترام. عليه أن يوضح للطالب أن الأخلاق ليست خيارا، بل هي أساس لا غنى عنه، وأن سقوط الأخلاق يعني سقوط المجتمع بأسره.
*المكارم فوق الأصفار
عندما تتحول العملية التعليمية إلى صراع على الأصفار المضافة إلى الدرجات، نغفل حقيقة على أن تلك الأصفار قد تصبح هباء إن لم ترفق بأخلاق تسندها. الطالب الذي يرى في تعليمه وسيلة للارتقاء بأخلاقه سيكون هو القائد الذي يبني لا الذي يهدم، وهو العامل الذي يصلح لا الذي يفسد.
إن الأصفار لا تصنع إنسانا، لكن الأخلاق تصنع إنسانا، فنانا و قائدا. فليكن شعارنا كمربين أن نسقط الأصفار التي تثقل كاهل التعليم دون أن تضيف له قيمة حقيقية، ونعلي من شأن المكارم التي تجعل من الطالب إنسانا مسؤولا يحمل رسالة الخير أينما ذهب.
أخيرا وليس آخرا، الأخلاق هي جوهر الرسالة التربوية، والمربي هو صانع الأجيال الذي يحمل على عاتقه مسؤولية غرس القيم و المبادئ في نفوس طلابه.معا و بتكاتف الجهود وصدق النية، يمكننا أن نصنع جيلا يحافظ على المكارم، و يعيد بريق الأخلاق الذي لا يزول.