الدكـــروري يكتب: السنة النبوية الشريفة كلها خير

 

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد وكفر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الخلائق والبشر، الشفيع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى أصحابه ما اتصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر أما بعد قال بعض المشركين لسلمان الفارسي رضي الله عنه لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة فقال “أجل ” رواه مسلم، وبأسف فما زال بعض أبناء الملة وأهل القبلة يغبّشون صفاءها باستحسانات يقدحها الهوى في أفئدتهم فيبثونها في العامة دون الرجوع لحكمة وعلم العلماء لأنهم قد أسقطوهم من مرجعيتهم إذ عن لهم أنهم رجال وهم رجال وما الفقه لأحد دون أحد، وأمّا الخيام فإنها كخيامهم، ومن ثم بثوا شبههم التي ظنوها حججا ونفخ بعضهم في كيرها فطار شررها إلى أطراف خيمة الإسلام. 

فإن لم يدركها أهل العلم والفضل وإلا فالخوف أن يدرك مارجها الأركان فالشبهة تبدأ هزيلة سقيمة فتغذى بلبان الهوى وتنشر في الأنام كأنها حقيقة مسلمة فتتلقف ممن قل نصيبه من الفقه وما أكثرهم والقول ينفذ ما لا تنفذ الإبر، وبالجملة فإن السنة النبوية الشريفة كلها خير، والبدعة كلها شر مهما تلونت وتقلبت وتبهرجت، لذا فكلما رفعت بدعة كاهلها قيض الله لها دقا وكسرا بصوارم السنة على أيدي الأئمة الحنفاء وهل هم إلا أئمة السلف الصالح وأتباعهم حملة ذلك العهد الرباني والنهج النبوي؟ فلا تخلو الأرض من قائم لله بحجة فلما إرتد من إرتد من العرب قصفهم الله بصارمه الصديق الأكبر الذي قاد ألوية الموحدين من مدينة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم لدك معاقل الردة ورد الأمة لدين الله أفواجا ولما بث الشيطان سراياه الفكرية الكفرية المبدلة للدين والملوثة للملة. 

قام عليهم إمام السنة المبجل أحمد بن حنبل معه أئمة جهابذة حاربوا الفتن ورد الله بهم الباطل، ثم هدأ الناس زمانا حتى ثاب بعض من تلوث ببدع القول لمذاهب منبوشة من رفات الفلسفة الإغريقية إذ لم يكتف بعضهم بتقريرات أئمة السنة ونقضهم لها قرابة ثلاثة قرون منذ عهد أحمد وأقرانه، وراجت تلك المذاهب في بعض المنتسبة للعلم فتخطفت قلوبهم وبصائرهم فصنفوا وخطبوا ما أضلوا به الناس وفتنوا به العامة وزينوا المنطق والفلسفة وجعلوا مقدماتها الممتنعة وتقعيداتها المعقدة شروطا للإيمان وضرورة لكل متعلم ورفعت الرافضة عقيرتها بالدعوة إلى وثنيتها وتنادت عبدة الموتى لإغواء العامة حتى عباد الصليب صار لهم طمع في ردة أهل الإسلام وانتشرت الشبه بين من رام العلم وسقط في شباكها الكثير فعظمت بهم البلية وتكاملت بهم الرزية.

حتى قيض الله تعالي للإسلام من هدّ عروشهم وزلزل صروحهم وجعل أعاليها أسافلها ودكّ معاقل إحداثهم وحصون فتنتهم فأوهاها وأسقطها وفضح شبههم وكشفها وعرّاها، وذاك هو شيخ الإسلام الرباني وإمام السنة الثاني أحمد بن تيمية الحراني فما زال يصول بالله ويجول ويقاتل بعلمه وعمله ولسانه وسنانة هو ومن تابعه من الأئمة وأهل الفضل فما زال كذلك حتى قبضه في ذات الله سجينا صابرا راضيا شاكرا ولا نزكيه على الله قد جعل الله جنته وبستانه في صدره فرحل إلى ربه وهو يتلو قول الحق سبحانه وتعالي “إن المتقين في جنّات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر” ثم حمل الراية تلاميذه وكثير من أقرانه على سننه الحميد وفعله الرشيد وليس به وحده جدد الدين لكنه بزّ أهل زمانه في حمل لوائه وفاقهم في عظيم بلائه وسار الناس على السنن المحمدي سنيّا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى