حين صار الإعلام مرآةً للفضيحة.. وترك رسالته على الرصيف

بقلم: محمود سعيد برغش
لم يَعُد كثيرٌ من الإعلام إعلامًا، بل صار مرآةً تعكس فضائح الناس، لا قضاياهم، وتُكبِّر تفاصيل الخصوصية، وتتجاهل جراح المجتمعات.
منصةٌ تلو الأخرى، وعناوين متشابهة حد السأم:
“فُلان طلق زوجته”، “مشادة بين فلانة وزوجها”، “فيديو مُسرّب”، “حرب التصريحات بين نجمين”،
حتى غدت حياة المشاهير بضاعةً رخيصة في سوق المشاهدة، تباع فيها الكرامة، وتُشترى الشهرة الرخيصة على حساب قيمنا وإنسانيتنا.
الإعلام، الذي كان يُفترض أن يكون صوتًا للحق، وعدسةً على آلام الفقراء، ومرآةً لنبض الأمة، أصبح – للأسف – “جالِكسي السوء” كما وصفه أهل الفقه والأدب، يركض خلف عورات الناس، ويتتبع زلاتهم، ويقدّمها للجمهور بلا رحمة ولا أخلاق.
وقد نهانا الله سبحانه عن هذا في قوله:
“ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضًا” (الحجرات: 12)،
ونهانا النبي ﷺ في الحديث الصحيح:
“من تتبع عورة أخيه، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته.”
فما الذي حدث؟
أين ذهبت أخلاقيات الصحافة؟
أين ذهبت همّة المراسل الذي كان يجوب القرى بحثًا عن الحقيقة؟ أين اختفى المحرر الذي كان يواجه الفساد لا يتتبع أخبار الطلاق والزواج في الوسط الفني؟
إن هذا الانحدار لا يعكس فقط أزمة إعلام، بل يعكس أزمة ضمير. والواجب اليوم أن يُعاد بناء الوعي الإعلامي من جديد، على أسس من الأخلاق، والاحترام، والهدف النبيل.الإعلام ليس أداة تسلية، ولا كاميرا خفية في بيوت الناس، الإعلام رسالة… فمن فقد الرسالة، فقد اسمه.