محمد احمد غالي يكتب: سلطان العلماء

محمد احمد غالي يكتب: سلطان العلماء 

الجزء الثاني 

الإمام العز بن عبدالسلام 

سلطان العلماء الجزء الثاني، يعد من أبرز مؤلفاته ما يلى : (تفسير العز بن عبد السلام، الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز، أمالي عز الدين بن عبد السلام، بداية السول في تفضيل الرسول، الفرق بين الإسلام والإيمان، شجرة المعارف، الغاية في اختصار النهاية، الجمع بين الحاوي والنهاية، مختصر الرعاية، القواعد الكبرى في فروع الشافعية، القواعد الصغرى، مسائل الطريقة في علم الحقيقة، قواعد الإسلام، عقائد الشيخ عز الدين، نهاية الرغبة في أدب الصحبة).

 من أقوال الإمام العز بن عبد السلام الحكيمة السديدة : قال الإمام العز بن عبد السلام في حكم الالتزام برسم المصحف العثماني: “لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسوم الأولى باصطلاح الأئمة؛ لئلا يوقع في تغيير من الجهال”. وقال فيمن أتلف مال غيره بغير حق: “من وضع يده خطأ على مال غيره لزمه ضمانه إلا الحكام وأمناء الحكام”. كما قال في السعي في طلب الرزق، وتحصيل ما يعود على النفس بالنفع في الدنيا والآخرة: “واعلم أن مصالح الآخرة لا تتم إلا بمعظم مصالح الدنيا كالمأكل والمشارب والمناكح وكثير من المنافع”. ولما سُئل العز عن الإنشاد والتواجد والرقص والسماع أجاب : “الرقص بدعة، لا يتعاطاه إلا ناقص العقل، ولا يصلح إلا للنساء، وأما سماع الإنشاد المحرك للأحوال السَّنِيَّة بما يتعلق بالآخرة فلا بأس به، بل يندب إليه عند الفتور وسآمة القلوب، لأن الوسائل إلى المندوب مندوبة، والسعادة كلها في اتباع الرسول ﷺ واقتفاء أصحابه الذين شهد لهم بأنهم خير القرون، ولا يَحضُرُ السماعَ مَنْ في قلبه هوى خبيث، فإن السماع يُحرك ما في القلوب من هوى مكروه أو محبوب، والسماع يختلف باختلاف السامعين والمسموع منهم، وهم أقسام”. 

 أثنى عليه كثير من العلماء، قال عنه تاج الدين السبكي: “شيخ الإسلام والمسلمين، وأحد الأئمة الأعلام، سلطان العلماء، إمام عصره بلا مدافعة، القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في زمانه، المطلع على حقائق الشريعة وغوامضها، العارف بمقاصدها، ولم ير مثل نفسه، ولا رأى من رآه مثله علمًا وورعًا وقيامًا في الحق، وشجاعة، وقوة جنان، وسلاطة لسان”. وقال عنه تلميذه أبو شامة: “كان أحق الناس بالخطابة والإمامة، وأزال كثيرًا من البدع التي كان الخطباء يفعلونها: من دق السيف على المنبر، وأبطل صلاتي الرغائب، ونصف شعبان”. أما ابن كثير فقد قال : “العز بن عبد السلام شيخ المذهب، ومفيد أهله، وله مصنفات حسان، وبرع في المذهب، وجمع علومًا كثيرة، وأفاد الطلبة، ودرَّس بعده مدارس، وانتهت إليه رياسة الشافعية، وقُصِدَ بالفتاوى من الآفاق”. وكان من أمثال مصر: «ما أنت إلا من العوام ولو كنت ابن عبد السَّلام». يقول محمد الزحيلي: “والخلاصة أننا نرى أن العز كان صوفياً حسب قواعد الشرع، ومن الناحية الفكرية والقلبية والروحية، وبحسب المعنى العام الوارد في الشرع عن هذا الجانب التربوي في الإسلام، وأنه ملتزم بكل ما جاء في القرآن والسنة من التربية الروحية والقلبية والتهذيب النفسي، ولم يكن متصوفاً بالمعنى الاصطلاحي والعرفي، ولم ينتسب إلى طريقة يلتزم بطقوسها ومصطلحاتها وقواعدها، ولم يدخل في المتاهات الغامضة التي تحتمل الظاهر والباطن، والصحيح والفاسد”. تخرَّج على يد العز بن عبد السلام طلاب كثيرون، منهم شيخ الإسلام ابن دقيق العيد مجدّد القرن الثامن (محمد بن علي بن وهب القشيري: ٦٢٥- ٧٠٢ هـ)، وهو الذي لقّبه بسلطان العلماء، ومنهم جلال الدين الدشناوي الزاهد الورع شيخ الشافعية بـ”قوص” في صعيد مصر، ومنهم المؤرخ أبو شامة المقدسي. وبعد عطاء كريم فى حياة كريمة حافله بالعلم والأخلاق والعطاء وعامرة بالتقوى والصلاح والإيمان توفي الإمام العزّ بن عبدالسلام في القاهرة، في ١٠ جمادى الأولى لعام ٦٦٠ ه‍ ، الموافق لعام ١٢٦٢م، عن عمر يقارب الثلاثة والثمانين عاماً. دُفن العز بن عبد السلام في ضريح بمنطقة البستانية في القاهرة، بالقرب من جبانة الإمام الليث وجبانة التونسي، وهو الآن بحالة خربة وإن كانت بقاياه تدل على أنه يشبه إلى حد كبير من الناحية المعمارية القباب التي أقيمت في أوائل العصر المملوكي، مثل قبة شجر الدر، وقبة الأشرف خليل بن قلاوون، وقبة الخلفاء العباسيين وكلها ترجع إلى النصف الثاني من القرن السابع الهجري. رحم الله الإمام العز بن عبدالسلام ورضي عنه وأرضاه وأجزل له العطاء إنه بكل جميل كفيل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى