الدكروري يكتب عن : أزمنة مضاعفة أجور الطاعات

الدكروري يكتب عن : أزمنة مضاعفة أجور الطاعات

 

الحمد لله العظيم في قدره، العزيز في قهره، العليم بحال العبد في سرّه وجهره، يسمع أنين المظلوم عند ضعف صبره، ويجود عليه بإعانته ونصره، أحمده على القدر خيره وشره، وأشكره على القضاء حلوه ومره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الآيات الباهرة، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما جاد السّحاب بقطره، وطلّ الربيع بزهره، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله فهي جماع الخير كله فاجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية بفعل الأوامر وترك النواهي، فقال الله تعالى “يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا”

ثم اعلموا عباد الله أن ربنا سبحانه وتعالي أنعم علينا بمواسم الخيرات وأزمنة لمضاعفة أجور الطاعات ومن هذه المواسم الفاضلة هو شهر رمضان المبارك فقد أظلكم يا عباد الله شهر عظيم جعل الله فيه من جلائل الأعمال وفضائل العبادات وخصه عن غيره من الشهور بكثير من الخصائص والفضل فقال تعالي ” شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان” فالله أكبر ما أعظم هذا الشهر وما أعظم منة الله علينا به، يزين الله تعالي جنته ويقول يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ثم يصيروا إليك، فهو شهر تصفد فيه الشياطين وتفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار، شهر فيه ليلة القدر هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم الخير كله ومن قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.

ولله فيه عتقاء من النار وذلك في كل ليلة من رمضان ويغفر للصائمين في آخر ليلة منه، وتستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا، وللصائم دعوة لا ترد، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، ومن صامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، فيا عباد الله شهر هذه خصائصه وفضائله حري بنا أن نستغل أيامه ولياليه بل ساعاته ولحظاته، وشهر هذه هبات الله فيه بماذا نستغله ؟ أبالسهر واللهو وضياع الأوقات ؟ كلا والله، فيا أيها المسلمون اعلموا أن الله غني عنا وعن أعمالنا فهو تعالى الغني عما سواه فيقول تعالي “يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ” ولكنه سبحانه شرع العبادة لصالحكم أيها المسلمون ومن أعظمها الصيام فقد شرعه تربية لأجسامكم.

وترويضا لها على الصبر وتحمل الآلام شرعه تقويما للأخلاق وتهذيبا للنفوس وتعويدا لها على ترك الشهوات ومجانبة المنهيات، شرعه ليبلوكم أيكم أحسن عملا، شرعه وسيلة عظمى لتقواه قال تعالى “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب إلى الذين من قبلكم لعلكم تتقون” فاتقوا الله أيها الناس وأدوا فريضة الصيام بإخلاص وطواعية، وأدوا هذه الفريضة واحفظوها مما يشينها فالصوم الحقيقي ليس مجرد الإمساك عن الأكل والشرب والإستمتاع ولكنه مع ذلكم إمساك وكف عن اللغو والرفث والصخب والجدال في غير الحق وكف عن الكذب والبهتان والهمز واللمز والأيمان الكاذبة، وإمساك عن السباب وعن قذف المحصنات، وإمساك وكف عما لا يحل سماعه من لهو وغيبة وغيرهما، وإمساك عن إرسال النظر إلى ما لا يحل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى