الأضحية وتعظيم شعائر الله .. بقلم الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه سبحانه وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه أما بعد، إن الأضحية من تعظيم شعائر الله فإذا كان الحاج في مِنى يذبح الهدي تقربا إلى الله تعالى وطمعا في بر حجه، وقضاء نسكه، فإن مَن لم يحج أمامه فرص أخرى للمغفرة إذا استثمرها فاز برضوان الله تبارك وتعالى، ومن ذلك أن يضحي عن نفسه وآل بيته، وإذا كان الهَدي وكذا الأضحية لا يصل إلى الله منهما شيء، فإنهما إنما شرعا تعظيما لشعائر الله عز وجل بالذبح والنسك، وتوسعة على الخلق، وتقربا إلى الله تعالى، ولذا يلزم الإخلاص التام فيهما لله تعالى، وأن يحرص العبد على سلامة القصد، وصحة الهدف.
وأن ينوي تعظيم شعائر الله بذبح الأضحية في موعدها بعد صلاة العيد وفي أيام التشريق، يرجو بذلك أن تكون هذه الأعمال سببا لتحصيل تقوى الله تبارك وتعالى، والأضحية هي اسم لما يُذبح أو يُنحر بسبب عيد الأضحى من الإبل، والبقر، والغنم يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة تقربا إلى الله تعالى، وسميت بذلك والله أعلم لأن أفضل زمن لذبحها ضُحى يوم العيد، والأضحية مشروعة بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة فأما الكتاب فلقول الله تعالى “فصلى لربك وانحر” وأما السنة فلحديث أنس بن مالك رضى الله عنه قال “ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين، أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمّى وكبّر، ووضع رجله على صفاحهما” وأما الإجماع، فأجمع المسلمون على مشروعية الأضحية، والأضحية سُنة مؤكدة لا ينبغي تركها لمن يقدر عليها.
وعلى هذا أكثر أهل العلم، ورجّح وجوبها على القادر شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال “وأما الأضحية فالأظهر وجوبها فإنها من أعظم شعائر الإسلام، وهي النسك العام في جميع الأمصار، وهي من ملة الخليل إبراهيم الذي أمرنا باتباع ملته” والأحوط للمسلم أن لا يترك الضحية، إذا كان موسرا له قدرة عليها اتباعا لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم القولية، والفعلية، والتقريرية، وبراءة للذمة، وخروجا من الخلاف عند من قال بالوجوب، وتشرع الأضحية اتباعا لسُنة الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام في الأضحية واتخاذها وسيلة وقربة إلى الله تبارك وتعالى، فهي سُنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، حين فدى الله ولده بذبح عظيم، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تبيّن فضل الأضحية، وإن كان في سند بعضها مقال.
إلا أن بعضها قد يعضد البعض، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم “ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله عز وجل من إراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا” رواه ابن ماجه والترمذي.