فضل النصر وجدوى الانتصار لله .. بقلم الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد إن كلمة النصر قد ذكرها القرآن الكريم فيما يزيد على ستين موضعا، مرة بلفظ الفعل، وهو ما أشتق منه مصدر أو اسم فاعل أو أسم مفعول، ومرة بلفظ المفرد، ومرة بلفظ الجمع، وما ذلك إلا لخطورة هذه الكلمة والتزام التقيد بمفهومها والعمل بمقتضاها الذي هو نصر الله ورسوله ونصر شريعته، وإن استقصاء الآيات القرآنية الكريمة المبينة فضل النصر وجدوى الانتصار لله ولرسوله ولدين الله وللمؤمن به.

إن استقصاء ذلك يطول ذكره وسرده، ولو لم يذكر القرآن الكريم سوى قول الله تعالى فى سورة آل عمران ” بل الله مولاكم وهو خير الناصرين” لكفى المسلم مكانة ووعدا ونصرا من الله، وأما نصوص السنة الشريفة فيكفينا من القلادة ما أحاط بالعنق، فيقول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو يعدل صفوف المجاهدين من المسلمين في غزوة بدر “اللهم أن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد” فيقول أبو بكرالصديق رضي الله عنه يا نبي الله بعض مناشدتك ربك، فإن الله منجز لك ما وعدك، فيقول رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه “يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرس يقوده على ثنايا النقع، والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة” 

وفي معنى الصبر في الملمات معنى نصر الله ونصر رسوله ونصر دينه ونصر المسلمين، وأن النصر لا يكون بحمل السلاح في وجه العدو فحسب، وإنما ينصر المسلم الله وينصر رسوله ودينه بالصمود والثبات على الحق والإيمان بما يقول ويفعل، وأن كل حركة وتصرف منه إنما ذلك لوجه الله وحده، وأن نصر الله يكون بنصر المنكوبين من عباده المبتلين في ديارهم وأموالهم وأعراضهم وأديانهم، فنصرهم ومواساتهم من نصر الله، فالله غني عن شفاعة الشافعين، وعن قتال القاتلين وعن قوة المجاهدين، لأنه وحده القوي القهار، وإنما عمل المسلم ابتلاء، واختبار لصبره وإيمانه ونصره شرع الله عز وجل، وإذن حين يثبت المسلم على الحق ويغار على الدين، ويتغير حين تنهك حقوق الله فهو من المنتصرين لله الذين ينصرهم الله يوم لا ناصر سواه.

وحين يقدم المسلم نصيحته لإخوانه المسلمين في يسر ولين ووعظ حسن من غير ضعف يزري به ومن غير صلف وشدة تؤخذ عليه فهو من المنتصرين لله ولرسوله وللمسلمين، وحين يستنكر ما يكون عليه الناس من بعلم عن الله وتنكب لجادة الحق، وينكر بقلبه وقالبه وسلوكه، ما يجري في بعض المجتمعات الإسلامية من سلوك ضار مضر بالدين والأخلاق فهو ممن ينتظر لله ولدينه ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وحين يحمل السلاح على ثغور المسلمين، ويقف صامدا محتسبا مطيعا لأوامر قادته فهو ممن ينصرون الله وينصرون الإسلام، ويكفينا شاهدا على هذا الصنيع المحمود هو وقوف سلفنا من الصحابة والتابعين والتابعين لهم إلى اليوم، وقوفهم مع الحق من أجل الحق اجتهادا واحتسابا كله صبر ومعاناة، لا لشيء إلا لنصرة دين الله. 

وإعزازه من غير غلو وصلف، في التصوف والسلوك، فمن أجل نصر الله صلب الصحابي المجاهد خبيب رضي الله عنه وهو يردد قوله ولست أبالي حين أقتل مسلما، على أي جنب كان في الله مصرعي، ومن أجل نصر الله يحتمل بلال بن رياح العذاب الأليم من سياط كفرة قريش وهو يردد قوله أحد أحد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى