فن البساطة في الحياة .. بقلم الكاتبة/ الزهرة العناق

 

فن البساطة عزيزي يا ـ أناـ ياـ أنت ـ هي جسر تقرب القلوب إلى بعضها، هي الحبل المتين الذي يربط الأرواح ببعضها في زمن فسدت فيه الألفة و ارتفعت فيه التكلفة.

كم نسينا أن النقاء الحقيقي يكمن في البساطة؟ وأن التكلف يبعد القلوب، ويجعل منها غرباء رغم القرب.

لقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الضيف يأتي برزقه معه، فلا ينبغي لنا أن نتحمل ما لا نطيق، ولا نرهق أنفسنا بما يثقل كاهلنا عند استضافته. ألم يقل الحبيب صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه”؟ الإكرام في البساطة، في ابتسامة صادقة، وفي فنجان قهوة دافئ يقدم مع حب صاف، لا بتكاليف باهضة ونفقات تثقل الجيوب وتعكر صفو القلوب و تقطع صلة الرحم.

لقد اشتقنا للزمن الجميل، حيث كانت البيوت مفتوحة على مصرعيها، و كان الناس يجتمعون فيها دون سابق إنذار، يشاركون الحكايا، يتبادلون الابتسامات و الضحكات، و يشربون معا قهوة أو كأس شاي أو يتناولون لقمة طيبة. كانت الزيارات بمثابة بلسم للقلوب، تنسي الهموم و تقرب المسافات.

أما الآن، فقد أصبحت الزيارات ثقيلة على القلوب قبل أن تكون ثقيلة على الجيوب. الكلفة أفسدت صفاء اللقاء، وجعلت من الأهل والأصدقاء غرباء، يخافون من تكلفة الاستضافة وكأنها وحش يترصدهم في كل زيارة.

ليتنا نعود إلى ما كان عليه أجدادنا، إلى زمن كان فيه الجلوس على حصير، و أكل الخبز والزيتون مع ضحكة من القلب، أغلى و أثمن من كل الموائد الفاخرة التي فقدت طعمها.ليتنا ندرك أن الكلفة تقتل الألفة، وأنها السبب في قلة الزيارات وكثرة العتاب. 

لنجعل من بيوتنا ملاذا للأهل والأصدقاء، بيوتا تعرف معنى إكرام الضيف، و تحتفي به ببساطة. فالبيت الذي يفتح أبوابه لاستقبال الضيوف ببساطة، هو بيت ينبض بالحياة، ولا يعرف اليأس أو الكآبة.

في نهاية المطاف، تبقى البساطة هي السر لدوام الألفة والمحبة. فالبيت الذي لا يعرف الضيف، هو مقبرة لمن يسكنه. فكونوا أنتم من يحيي هذه القلوب، و يساهم في إعادة دفء العلاقات التي طغى عليها غبار الكلفة حتى ماتت الألفة و انعدمت صلة الرحم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى