حقيقة زواج أم الخير من الحسن البصري .. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، إن عمارة الدنيا وتناسل بني آدم بالنساء والعمارة لا تصح بغير رأي وتدبير وقيل شاورهن وخالفوهن ويجب على الرجل الفاضل المتيقظ أن يحتاط في خطبة النساء وطلبهن وليزوج البنت لا سيما إذا بلغت لئلا يقع في الغدر والعيب ومرض الروح وتعب القلب، وقد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن السيدة رابعة العدوية الملقبة بأم الخير أو سيدة العاشقين، وقال البعض أن السيدة رابعة العدوية تزوجت من الحسن البصري الذي كان من كبار علماء الإسلام في ذلك الوقت، ولكن هل هذه المعلومة صحيحة.
فقد ذكر الدكتور عبد المنعم الحفني الكثير من المعلومات المؤكدة عن حقيقة زواج أم الخير من الحسن البصري، حيث أكد في كتابه الذي يحمل عنوان رابعة العدوية إمامة العاشقين والمحزونين، أنها لم تتزوج قط، كما أكد الدكتور الحفني على أن الحسن البصري تقدم فقط لخطبتها، ولكن سيدة العاشقين لم توافق على الزواج منه، وأكدت على أنها لن تعشق مخلوق، وسوف تكتفي بعشقها للخالق، وتوفيت السيدة رابعة العدوية في الثمانين من عمرها، حيث ظلت طول الثمانين عاما متصوفة ومخلصة في حب الله عز وجل، وتم دفن رابعة العدوية في القدس بفلسطين، وقيل أن العبدة التي كانت في خدمتها رأتها في منامها وهي ترتدي خمار أخضر وحلة من استبرق، ويعرف التصوف على أنه الإنقطاع عن جميع أمور الحياة المادية وملذاتها والعكوف على عبادة الله وحده عز وجل.
والتقرب لله حبا فيه بعيدا عن المنافع، والزهد في كل منافع الحياة، وكل ذلك في سيبل عبادة الله له وليس خوفا من نار العذاب أو طمعا في الجنة، وأما عن علاقة رابعة العدوية بالتصوف، فهي تعد من أبرز المتصوفين في عصرها والتي كان يقصدها الجميع للتعلم منها التصوف والزهد، كما كانت من شعراء التصوف، حيث كتب الكثير من الأشعار في التصوف وحب الله، حيث قالت في أحد أشعارها “سروري ومنيتي وعمادي وأنيسي وعدتي ومرادي، أنت روح الفؤاد أنت رجائي أنت لي مؤنس وشوقك زادي” واعلموا أنه فرض الله عليكم إذا حضر أحدكم علامات الموت ومقدماته إن ترك مالا الوصية بجزء من ماله للوالدين والأقربين مع مراعاة العدل فلا يدع الفقير ويوصي للغني، ولا يتجاوز الثلث، وذلك حق ثابت يعمل به أهل التقوى الذين يخافون الله.
وكان هذا قبل نزول آيات المواريث التي حدد الله فيها نصيب كل وارث، وأخبر الله تعالي نبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم أنه سيسألك أصحابك أيها النبي، أي شيء ينفقون من أصناف أموالهم تقربا إلى الله تعالى، وعلى من ينفقون؟ قل لهم أنفقوا أي خير يتيسر لكم من أصناف المال الحلال الطيب، واجعلوا نفقتكم للوالدين، والأقربين من أهلكم وذوي أرحامكم، واليتامى، والفقراء، والمسافر المحتاج الذي بعد عن أهله وماله، وما تفعلوا من خير فإن الله تعالى به عليم، واعلموا أيها المؤمنون أن ما ظفرتم به من عدوكم بالجهاد في سبيل الله فأربعة أخماسه للمقاتلين الذين حضروا المعركة، والخمس الباقي يجزّأ خمسة أقسام، فالأول لله وللرسول، فيجعل في مصالح المسلمين العامة، والثاني لذوي قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم بنو هاشم وبنو المطلب.
وجُعل لهم الخمس مكان الصدقة فإنها لا تحل لهم، والثالث لليتامى، والرابع للمساكين، والخامس للمسافر الذي انقطعت به النفقة، إن كنتم مقرّين بتوحيد الله مطيعين له، مؤمنين بما أنزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم من الآيات والمدد والنصر يوم فرق بين الحق والباطل بواقعة بدر، يوم التقى جمع المؤمنين وجمع المشركين، والله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء، والذين آمنوا من بعد هؤلاء المهاجرين والأنصار، وهاجروا وجاهدوا معكم في سبيل الله، فأولئك منكم أيها المؤمنون لهم ما لكم وعليهم ما عليكم، وأولو القرابة بعضهم أولى ببعض في التوارث في حكم الله من عامة المسلمين، وإن الله بكل شيء عليم يعلم ما يصلح عباده من توريث بعضهم من بعض في القرابة والنسب دون التوارث بالحلف، وغير ذلك مما كان في أول الإسلام.