أحكام الإسلام المتعلقة بالخطوبة .. الكاتب / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله العظيم في قدره، العزيز في قهره، العليم بحال العبد في سرّه وجهره، يسمع أنين المظلوم عند ضعف صبره، ويجود عليه بإعانته ونصره، أحمده على القدر خيره وشره، وأشكره على القضاء حلوه ومره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الآيات الباهرة، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما جاد السّحاب بقطره، وطلّ الربيع بزهره، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إنه من يلقي نظرة على أحكام الإسلام المتعلقة بالخطبة يعلم يقينا سمو التشريع الإسلامي الذي لا يدانيه تشريع البشر مهما بلغوا من التقدم المادي، ومن هذه الأحكام هو نظر الخاطب لمخطوبته ونظرها إليه، حيث دعا الإسلام إلى نظر كل من الخاطبين للآخر، فإن العين سفير القلب.
فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم “انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما” وكذلك اللقاء من غير خلوة، حيث أن اللقاء بين الخاطبين مهم في معرفة كل منهما صاحبه عن قرب، فيسمع صوته ولغته وحضوره وغير ذلك مما يحدد ميول الإنسان أو رغبته في شريك حياته، ويحصل هذا إما بطريق رسمي في بيت أبيها بوجود محرم لها، أو بطريق غير رسمي كحال الزملاء في العمل أو الجامعة فيكوّن كل منها فكرة عن شريكه بطريق غير مباشر، ولا مانع من ذلك شرعا، وإنما المحرم هو الخلوة بينهما أو الخضوع بالقول أوالتطرق لما يخل بالآداب،
واللقاء مهم في اتفاقهما، فهو معتبر لإتمام العقد.
والنهي عن العضل في الأية متوجه للأولياء وللأزواج السابقين، فلا يصح للزوج السابق أن يقف بطريق زواجها من غيره بسبب غيرته أو كيده بها، كما لا يصح لأوليائها منعها من الزواج ممن رضيت به إن لم يكن به ما يعيب، وفي الآية أرجع الله تعالى التراضي إلى الخاطبين وعبّر عنهما بالزوجين بإعتبار ما سيكون والتراضي يحصل بما يراه كل منهما مناسبا في صاحبه، من حيث المظهر والمخبر وغير ذلك، وكل ذلك منضبط بقوله تعالى “بالمعروف” والمعروف ما عرف بالشرع أو بالطبع حسنه وما تصالح عليه أهل الزمان بما يوافق الشرع ولا يخالفه، إذ ليس للعادة المخالفة للشرع أي إعتبار، وأيضا معرفة الأفكار والثقافة والأخلاق
فأفضل ما يكون بسؤال أهل الثقة والخبرة، فتعرف الفتاة بسؤال من يعرفونها عن قرب، كما تعرف بأمها وأخواتها غالبا، وكذلك الرجل فيعرف بسؤال معارفه الثقات وجيرانه فهم أدرى الناس به، وقد يتعذر على الخاطبين معرفة ذلك بنفسيهما لما يتحلى به كل منهما من شمائل حسنة عند اللقاء، كما أن طول فترة الخطبة وما يتبعه من لقاءت متكررة بحجة التعارف قد يسيء إلى الخاطبين وإلى الفتاة خاصة، وخصوصا في مجتمعات لا يرغب الرجال في الزواج ممن كانت مخطوبة لشخص آخر وعرف ذلك عنهما لذلك لا بد من مراعاة كل ذلك.