أخر الأخبار

امرأة بلا قلب قصة قصيرة بقلم الكاتبه والأديبه تهاني عدس

امرأة بلا قلب…

بقلم/تهاني عدس

—————-

يُحكى أن امرأة بمنتصفِ العمر تُعاني من الوحدةِ..

تمنت أن تجد المحبة في عيون البشر…

قررت أن تخرج من عزلتها..

فعملت بائعة بمتجرِ صغيرِ لبيعِ التُحف والاكسسوارات..

أصبح المتجر دون غيره يضج بالزبائن الذين يأتون من كل فجٍ عميق ..

لا أحد كان يعلم السبب الحقيقي وراء هذا الإقبال على ذلك المتجر بالذات،

و لماذا يحبون الناس هذه المرأة ويمدحها الشعراء بأشعارهم…

لكن في يومٍ من الأيام،

جاء شابٌ ثلاثيني وسيمٌ إلى المتجرِ..

دَخَلَ من الباب ..

أَخَذَ يتجول بين البضائعِ المعروضة..

لاحَظَتْ عيناه تتفقدها،

وتتبعها أينما ذهبت..

خاصة ذلك الشيء الملفوف بورق تغليف الهدايا القيمة..

و التي كانت تحتضنه بذراعيها، و كأنه رضيع تخشى عليه مِنْ الاختطاف..

شَعَرَتْ بالقلقِ من نظرات الشاب إليها..

ذَهَبَتْ إليهِ..

وقالتْ له بلطفٍ:

مرحبًا بك سيدي!

أجاب وهو مازال يُحدِّق في ذلك الشيء الغامض بين ذراعيها قائلًا:

مرحبًا! ثم واصل الصمت..

فسألته باستغرابٍ:

هل تبحث عن شيءٍ محددٍ بالمتجرِ وتريدني أن أساعدك فيه؟

أجاب: نعم! أرغب في شراء هذا الشيء بين ذراعيك بأي ثمن تطلبينه.

فأجابته دون تردد: عذرًا سيدي!

هذا ليس للبيع، إِنهُ أغلى ما أملك.

كلما أتى متسول للعطف إلى هنا..

اقتطع من هذا الشيء الثمين قطعة واعطيها له مجانا.

فقالَ بلهفةٍ: إذن، أنا أرغب في الحصول على ما تبقى منه لنفسي.

فاعترضت بشدة و قالت:

لا، لن أسمح لك بذلك، لن تمتلكه ابدا.

ثم تركته مُسرعة بعد أن لاحَظَتْ على وجههِ الغضب.

لكنه كان اسرع منها..

اتبعها واعترضَ طريقها..

ثُم قامَ بخطفِ ماتخفيه بين ذراعيها بعنف،

ودفعها بقوة، ثم رَكَضَ مسرعًا نحو الباب..

فسقطت على الأرض وهي تبكي..

صرخت بأعلى صوتها: أغيثوني!

أمسكوا بهذا اللص! امنعوه من الهرب!

هرع المارة وركضوا خلفه،

لكنهم لم يتمكنوا من اللحاق أوالإمساك به..

عادوا إليها يتساءلون: ماذا سرق منكِ هذا اللص؟

فأجابتهم والدموع تنهمر على خديها مثلما يتأجج ماء الشلال على حافة النهر:

لقد سرق قلبي!!

فانفضوا من حولها..

وانتشروا بالمدينة و أشاعوا بين الناس بأن بائعة المتجرِ،

لم تعد تملك شيئا تعطيه لهم دون مقابل..

فغضب منها الناس و هجاها شعراء المدينة بقصائدهم..

فبعد أن كانت توصف بأنها نبع من الحنان والسلوى…

أصبحوا يشبهونها بأفعى مسمومة تتلوى…

أما هى…

علمت أن قلوب البشر متقلبة..

و أن المحبة لا توهب دون مقابل..

لذلك هى لم تشعر بالحزن أو الغضب..

لم تشعر بالخوف أو القلق…

لم تعد تبحث عن المحبة..

لم تعد تخشى العزلة..

بل لم تعد تشعر بالوحدة..

بعد أن فقدت ما تبقى من قلبها…

لم تعد تشعر بشيء..ولا تخشى أي شيء..

لأنها أصبحت..

إمرأة بلا قلب…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى