الصفح الجميل لا عتاب فيه ولا عقاب

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعديقول الزبيدي رحمه الله صاحب كتاب تاج العروس عن الصبر أنه حبس النفس عن الجزع وحبس اللسان عن الشكوى وحبس الجوارح عن التشويش، فلا تجزع عندما تصيبك مصيبة والجزع هو شدة الانهيار الذي يؤدي بصاحبه إلى تصرفات غير محمودة كالصراخ واللطم والعويل ،وشق الثياب والتلفظ بالكلمات النابية، والصبر الجميل ليس فيه شكوى، والهجر الجميل لا صرام فيه.

والصفح الجميل لا عتاب فيه ولا عقاب، وهذا ذو النون يقول الصبر هو السكون عند تجرّع البلية، ويقول أحد الصالحين الصبر هو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب، ومعظم الناس في هذا الزمان من أهل الصبر فقد صب عليهم المحن الكثيرة سواء أفرادا وجماعات فقد جمع عليهم المحن الإقتصادية والوظيفية والصحية وأمراض العصر الرهيبة، فكثرت البلايا وكأن الله عز وجل يريد أن ينقي هذه الأمة من خطاياها لأن هذه البلايا أعجوبة العجائب ما تذر العبد وعليه خطيئة فيأتي يوم القيامة دون ذنب لشدة الكرب الذي ناله في دنياه، وأنت تعلم أن الله تعالى لا يجمع على المؤمن كرب الدنيا والآخرة، وهو الرحيم الودود سبحانه فيقول تعالي ” إن الله بالناس لرؤوف رحيم ” ومن رأفته سبحانه وتعالي ورحمته بالناس أن بلاء بسيطا يسلطه الله تعالى على عبده يكفر ذنوب العبد. 

وكما جاء في الأثر “إن ليلة من الصداع والمليلة أي الحمى الشديدة التي تصل إلى العظم كفيلة بأن يغفر الله بها ذنوب العبد ” فأكرم بالله تعالى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الحمى من فيح جهنم وذاك نصيب المؤمن من النار” وكما قال صلى الله عليه وسلم ” ما رزق الله عبدا خيرا له ولا أوسع من الصبر” وعن التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح قال، قال لي ابن عباس رضي الله عنهما ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت بلى قال هذه المرأة أتت النبي عليه الصلاة والسلام فقالت يا رسول الله إني أصرع فادعو الله لي أن يشفيني قال صلى الله عليه وسلم “إن شئتي صبرتي ولكي الجنة وإن شئتي دعوت الله لك أن يعافيكي قالت أصبر” وعن عطاء بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إذا مرض العبد بعث الله ملكين فقال انظرا عبدي ما يقول لعواده؟

فإن هو إذا جاءوه حمد الله وأثنى عليه رفع ذلك إلى الله وهو أعلم به فيقول الرب عز وجل لعبدي عليّ إن توفيته أن أدخله الجنة وإن أنا شفيته أن أبدله لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه وأن أكفّر عنه سيئاته ” وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم ” من صُدع رأسه في سبيل الله فإحتسب غفر له ما كان قبل ذلك من ذنب” وعن فاطمة الخزاعية قالت عاد النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من الأنصار وهي وجعة فقال لها كيف تجدينك؟ قالت بخير إلا أن أم ملدم، وهي كناية تكنى بها الحمى قد برحت بي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” إصبري فإنها تذهب خبث ابن آدم كما يذهب الكير خبث الحديد” ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ” من وُعك ليلة فصبر ورضي بها من الله عز وجل خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى