المواقف المشرفة في غزوة حنين.. بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــرورى

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا، ثم اما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة وكتب المغازي الكثير عن غزوة حنين، ومن المواقف المشرفة في هذه المعركة هو موقف الصحابية أم سليم رضي الله عنها، وكانت مع زوجها أبي طلحة رضي الله عنه وقد روت كتب الحديث والسير بسند صحيح وقائع خبرها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن أم سليم رضي الله عنها إتخذت يوم حنين خنجرا، فكان معها فرآها أبو طلحة، فقال يا رسول الله هذه أم سليم، معها خنجر، فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم ما هذا الخنجر؟
قالت إتخذته، إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يضحك، قالت يا رسول الله اقتل من بعدنا من الطلقاء، انهزموا بك، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم “يا أم سليم إن الله قد كفى وأحسن” وقد تمكن رسول الله صلي الله عليه وسلم من بث روح الجهاد في نفوس المسلمين من جديد، وقد كان أصابهم الخوف والذعر وأوشكوا على الفرار الكامل وتسجيل الهزيمة النكراء، فإجتمع المسلمون ثانية وهجموا هجمة واحدة على المشركين، ومضى علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى صاحب راية هوازن فقتله، وبعد مقتله كانت الهزيمة للمشركين، وهكذا كتب الله النصر لرسوله الكريم ونصرهم بجنود من الملائكة، وإلى هذا النصر يشير القرآن الكريم فقال تعالى.
” ثم أنزل الله سكينته علي رسوله وعلي المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ” وقال الشيخ المفيد وأقبل رجل من هوازن على جمل له أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام القوم، إذا أدرك ظفرا من المسلمين اكبّ عليهم، وإذا فاته الناس رفعه لمن وراءه من المشركين فاتبعوه، وهو يرتجز ويقول أنا أبو جرول لا براح حتى نبيح القوم أو نباح فصمد له علي فضرب عجز بعيره فصرعه، ثم ضربه فقطره، ثم قال قد علم القوم لدى الصباح إني في الهيجاء ذو نطاح فكانت هزيمة المشركين بقتل أبي جرول، ثم التأم الناس وصُفّوا للعدو، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” اللهم إنك أذقت أول قريش نكالا، فأذق آخرها نوالا” وتجالد المسلمون والمشركون، فلما رآهم النبي صلي الله عليه وسلم.
قام في ركابي سرجه حتى أشرف على جماعتهم، وقال صلي الله عليه وسلم الآن حمي الوطيس أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب، فما كان بأسرع من أن ولى القوم أدبارهم، وجيء بالأسرى إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم مكتفين، قال سلمة بن الأكوع ونزل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب، ثم استقبل به وجوههم وقال “شاهت الوجوه” فما خلف الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة، فولوا مدبرين، وإتبعهم المسلمون فقتلوهم، وغنمهم الله نساءهم وذراريهم وشاءهم وأموالهم، ولما انهزم العدو صارت طائفة منهم إلى الطائف، وطائفة إلى نخلة، وطائفة إلى أوطاس، فأرسل النبي صلي الله عليه وسلم إلى أوطاس سرية من المطاردين يقودهم أبو عامر الأشعري، فتناوش الفريقان القتال قليلا، ثم انهزم جيش المشركين.
وفي هذه المناوشة قتل القائد أبو عامر الأشعري وطاردت طائفة أخرى من فرسان المسلمين فلول المشركين الذين سلكوا نخلة، فأدركت دريد بن الصمة فقتله ربيعة بن رفيع، وأما معظم فلول المشركين الذين لجؤوا إلى الطائف، فتوجه إليهم رسول الله صلي الله عليه وسلم بنفسه بعد أن جمع الغنائم، وقتل من هوازن في ذلك اليوم خلق عظيم، وقتل دريد بن الصمة فأعظم الناس ذلك، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم “إلى النار وبئس المصير، إمام من أئمة الكفر، إن لم يعن بيده فإنه أعان برأيه”
واستشهد في ذلك اليوم من المسلمين أربعة نفر هم أيمن بن عبيد من بني هاشم ويزيد بن زمعة بن الأسود، من بني أسد وسراقة بن الحارث بن عدي، من الأنصار وأبو عامر الأشعري، من الأشعريين.