صدع في الجدار الناري.. ميركل تنتقد “ميرز” بعد تحالفه مع اليمين المتطرف

انتقدت المستشارة السابقة لألمانيا، أنجيلا ميركل، زعيم حزبها فريدريش ميرز، بعد أن مرر مشروع قانون في البرلمان بدعم من حزب البديل من أجل ألمانيا “AfD” اليميني المتطرف.

وفي بيانها، اتهمت ميركل، ميرز، بالتخلي عن تعهده السابق بعدم التعاون مع حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني في البوندستاج.

وأدى التصويت أمس الأربعاء، إلى فوضى في البرلمان بعد أن ساعدت أصوات البديل من أجل ألمانيا في تمرير مشروع قانون غير ملزم يتعلق بتشديد قوانين الهجرة. هذا التدخل من ميركل، التي قادت ألمانيا لمدة 16 عامًا، تصرف نادر، إذ انتقدت تصرفات خصمها السياسي السابق.

وكشفت هذه الانتقادات عن انقسام داخلي كبير داخل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي “CDU” بشأن كيفية التعامل مع صعود تأثير حزب البديل من أجل ألمانيا، ونتج عن هذا التصويت خرق لالتزام طويل الأمد بعزل حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يحتل المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات الألمانية، المقررة 23 فبراير.

وتدخل ميركل النادر أظهر استياءً واسعًا داخل الحزب من توجهات الحزب السياسية الحالية. وفي رده، قال ميرز، الذي يُتوقع أن يصبح المستشار الألماني المقبل بناءً على تصدر حزبه استطلاعات الرأي، إن السياسة ليست خاطئة فقط بسبب دعم “الأشخاص الخطأ” لها، مؤكدًا أنه لم يسعى أو يرغب في دعم البديل من أجل ألمانيا.

 

صدع في الجدار الناري
وقالت ميركل في بيانها: “أعتقد أن التخلي عن هذا الالتزام والسماح بوجود أغلبية بأصوات البديل من أجل ألمانيا في البوندستاج لأول مرة هو أمر خاطئ”.

وأشارت إلى ما يُسمى بـ”الجدار الناري”، وهو السياسة التي كانت تهدف إلى إبعاد حزب البديل من أجل ألمانيا عن العمل السياسي.

وأضافت ميركل أنها تدعم تمامًا تعهد ميرز، نوفمبر 2024، الذي نص على منع الحزب اليميني المتطرف من لعب دور حاسم في تصويتات البوندستاج، واعتبرت ذلك “تعبيرًا عن مسؤولية سياسية كبيرة”.

ومنذ عام 2002 على الأقل، كان هناك خلاف بين ميركل وميرز داخل الحزب، إذ كانت ميركل أبعدته عن قيادة الحزب. ومنذ عودة ميرز في 2022، تحول الحزب بشكل ملحوظ نحو اليمين، ما أدى إلى تقويض إرث ميركل الوسطي، خاصة في ملف الهجرة.

على الرغم من ذلك، فقد تجمّع الحزب حول ميرز، وكان الانتقاد من قياداته الحالية تجاه استعداده لقبول دعم اليمين المتطرف بخصوص قضايا الهجرة محدودًا نسبيًا. رغم أن تدخل ميركل ربما لن يوقف التحول اليميني داخل الحزب، إلا أنه قد يثير نقاشًا داخليًا حول دور الحزب في إضعاف الجدار الناري ضد اليمين المتطرف.

رئيس المجر على الخط
شهدت هذه الأزمة تصويتًا في البوندستاج حول اقتراح الاتحاد المسيحي الديمقراطي برفض طالبي اللجوء على الحدود. ورغم أن التصويت غير ملزم، إلا أن هذه المرة كان الحزب يعتمد على أصوات البديل من أجل ألمانيا لدفع مشروع قانون، ما يُعد انفصالًا رمزيًا عن إرث ميركل الوسطي ورفض الحزب التاريخي للتعاون مع اليمين المتطرف.

وفي السياق ذاته، كان تصويت البوندستاج لحظة فاصلة بالنسبة لحزب البديل من أجل ألمانيا، إذ أعلن عضو الحزب البارز بيرند باومان: “الآن تبدأ حقبة جديدة”. واعتبر الحزب هذا التوجه انتصارًا يثبت أن مواقفه المتشددة في الهجرة بدأت تحظى بشرعية في التيار الرئيسي.

ورحب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، بهذا التوجه الألماني المتشدد تجاه الهجرة، وكتب في منشور على منصة “إكس”: “صباح الخير، ألمانيا! مرحبًا في النادي!”، لترد أليس فايدل، مرشحة البديل من أجل ألمانيا لمنصب المستشار، قائلة: “صباح الخير للمجر! سعيدون بأن نكون جزءًا من ناديكم!”

ردود فعل داخلية وخارجية
داخل ألمانيا، كانت ردود الفعل سريعة من التيار اليساري، إذ اتهم المستشار أولاف شولتس، وحزبه الاجتماعي الديمقراطي (SPD) ميرز بتقويض “الثقة” في الحزب، كما شهد مقر الحزب تجمعًا لاحتجاجات، مطالبين بمواقف أكثر حزمًا ضد اليمين المتطرف.

الآن يواجه ميرز تحديًا في قيادة حزبه، إذ يرى النقاد أن خطابه بشأن الهجرة وفشله في منع نواب الحزب من قبول دعم اليمين المتطرف أثر على مبادئ الحزب. وبالرغم من استقالتها من قيادة الحزب في 2018 ومن منصب المستشارة في 2021، لا تزال ميركل شخصية مؤثرة في الحزب، خاصة بين المعتدلين الذين يرون فيها حامية للمسار الوسطي.

وتصويت الأربعاء كسر تابو طويل الأمد في السياسة الألمانية، ومن المتوقع أن يقترح ميرز أيضًا تشريعًا، الجمعة، قد يحظى بدعم من حزب البديل من أجل ألمانيا.

وصف المستشار الألماني الحالي، أولاف شولتس، هذه الخطوة بأنها “خطأ لا يُغتفر”.

وقال: “منذ تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية قبل أكثر من 75 عامًا، كان هناك دائمًا إجماع واضح بين جميع الديمقراطيين في برلماناتنا: نحن لا نتعاون مع اليمين المتطرف”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى