الدكـــروري يكتب: الزواج صلة شرعية

الحمد لله وفق من شاء لعبادته، أحمده سبحانه وأشكره على تيسير طاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وعد المؤمنين بلوغ جنّته، وحذّر العصاة أليم عقوبته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، كان إماما في دعوته، وقدوة في منهجه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، صلاة دائمة حتى نبلغ دار كرامته، أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالي، واعلموا أن الزواج صلة شرعية تبرم بعقد بين الرجل والمرأة بشروطه وأركانه المعتبرة شرعا ولأهميتة قدمه أكثر المحدثين والفقهاء على الجهاد لأن الجهاد لا يكون إلا بالرجل ولا طريق له إلا بالزواج وهو يمثل مقاما أعلى في إقامة الحياة وإستقامتها لما ينطوي عليه من المصالح العظيمة والحكم الكثيرة والمقاصد الشريفة، وقد عظم الله تعالى من شأن الزواج حتى سماه بالميثاق الغليظ.
أي العهد الشديد من الوفاء والالتزام القائم على الإمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان، فقال الله سبحانه وتعالى ” وإن أردتم إستبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا، وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذ منكم ميثاقا غليظا” فإعلم يا أخي أن زوجتك أمانة في عنقك سوف تسأل عنها يوم القيامة، حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” استوصوا بالنساء خيرا ” متفق عليه، وروي عن بهز قال حدثني أبي عن جدي قال قلت يا رسول الله نساؤنا ما نأتي منها وما ندع؟ قال ” حرثك أنى شئت غير أن لا تقبح الوجه ولا تضرب وأطعمها إذا طعمت واكسها إذا اكتسيت ولا تهجرها إلا في بيتها كيف وقد أفضى بعضكم إلى بعض إلا بما حل عليها”
وكما خوّف ورهّب صلي الله عليه وسلم من تزوج بأكثر من واحدة ثم لم يعدل بينهن، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل ” وأرشد بفعاله ومقاله إلى أهمية مراعاة ما طبعن عليه من الغيرة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ” كان النبي صلى الله عليه وسلم عند إحدى أمهات المؤمنين فأرسلت أخرى بقصعة فيها طعام فضربت يد الرسول فسقطت القصعة فإنكسرت فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى فجعل يجمع فيها الطعام ويقول غارت أمكم كلوا فأكلوا فأمر حتى جاءت بقصعتها التي في بيتها فدفع القصعة الصحيحة إلى الرسول وترك المكسورة في بيت التي كسرتها” وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت.
” إفتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه فتحسست ثم رجعت فإذا هو راكع أو ساجد يقول سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت فقلت بأبي وأمي إنك لفي شأن وإني لفي آخر” وقالت أيضا ” التمست رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدخلت يدي في شعره فقال قد جاءك شيطانك فقلت أما لك شيطان؟ قال بلى، ولكن الله أعانني عليه فأسلم ” وكان وفيا لبعض نسائه غاية الوفاء حتى بعد وفاتهن، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ” ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة من كثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها قالت وتزوجني بعدها بثلاث سنين ” وكما كان صلي الله عليه وسلم يتيح لهن أن ينفذن شيئا من غيرتهن بحيث لا يتجاوزن الحد المشروع، ويضفي على سلوكهن ذلك المرح والابتسامة.