رفع عن أمتي الخطأ والنسيان .. الكاتب / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وإمتنانه وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى رضوانه وعلى اله وصحبه وجميع أخوانه، أما بعد عباد الله اتقوا حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون وبعد ينبغي علي كل الشباب ونحن نعيش في شهر رمضان المبارك أن يكفوا عن الذنوب والمعاصي وأن يتوبوا توبة نصوحا إلي الله تعالي بشروطها المعتبرة وأن يردوا المظالم إلى أهلها حتى يخرجوا من شهر رمضان مغفورا لهم كيوم ولدتهم أمهاتهم، وتلك من فوائد الصوم وأسراره، ونحن جميعا نعلم أن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم كان يتعبد في غار حراء فنزل عليه جبريل عليه السلام بصدر سورة العلق وكان ذلك في شهر رمضان، كما قال بذلك أكثر المفسرين.
حيث يقول شيخ الإسلام ابن كثير عند تفسير لسورة القدر، أي يخبر الله تعالى أنه أنزل القرآن ليلة القدر، وهي الليلة المباركة التي قال عنها الله عز وجل ” إنا أنزلناه في لية مباركة ” وهي ليلة القدر، وهي من شهر رمضان، كما قال تعالى ” شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ” وقال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره أنزل الله تعالي القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزّة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد العناية بحفظ القرآن، حريصا على تلقفه من جبريل عليه السلام حتى بلغ من شدة عنايته به، وحرصه عليه أنه كان يحرك به لسانه أكثر من المعتاد عند قراءته، خشية أن تفلت منه كلمة، أو يعزب عنه حرف حتى طمأنه ربه.
ووعده أن يحفظه له في صدره وأن يُقرأه لفظه وأن يفهمه معناه وتفسيره، فأنزل الله عز شأنه قوله تعالي كما جاء في سورة القيامة ” لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرأنه ثم إن علينا بيانه ” ونحن نعلم أن جبريل كان يدارس القرآن لنبينا المصطفي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان، لذلك حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تعاهد القرآن الكريم، وقيل أنه ما دام التعاهد موجودا فالحفظ موجود، كما أن البعير ما دام مشدودا بالعقال فهو محفوظ ، وخصّ الإبل بالذكر لأنها أشد الحيوان الإنسي نفورا، وفي تحصيلها بعد إستكمان نفورها صعوبة، فينبغي على كل مسلم أن يجعل له وردا ثابتا كل يوم من القرآن في رمضان وغير رمضان فكما أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بدون طعام أو شراب فكذلك لابد له من غذاء روحي يومي ألا وهو القرآن الكريم.
وتعالوا لنرى حال الصحابة مع القرآن؟ فبعضهم كان إذا فاته ورده يبكي وقد دخلوا على أحدهم ذات مرة فوجوده يبكي بشدة، فسألوه أتشتكي وجعا؟ قال أشد، أشد، قالوا وما ذاك؟ قال نمت بالأمس ولم أقرأ وردي، وما ذلك إلا بذنب أذنبته، وإن كثيرا من الناس للأسف الشديد يقضون أوقاتا طويلة في تصفح شبكة النت وشبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك، وقد يقومون ليلهم مع الفيس بتلهف واهتمام، فلماذا لا يحظى كتاب الله ولو بمثل هذا الإهتمام؟ فلا يصح لمسلم أن يحفظ كلام الله ثم ينساه، ومما يعين على الحفظ كثرة المراجعة ومعرفة تفسير الآيات وسبب نزولها والصلاة بما تحفظ خاصة في قيام الليل، وإن نسيان القرآن وعدم تعاهده واستذكاره من أعظم الذنوب عند الله تعالي، وقال القرطبي من حفظ القرآن أو بعضه فقد علت رتبته فإذا أخل بهاتيك المرتبة.
حتى خرج عنها ناسي أن يعاقب فإن ترك تعاهد القرآن يفضي إلى الجهل والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد وقال أوتيها ولم يقل حفظها لينبه على أنها كانت نعمة عظيمة أولاها الله إياه ليقوم بها ويشكر موليها فكفرها وفيه أن نسيان القرآن كبيرة ولو بعضا منه وهذا لا يناقضه خبر ” رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ” لأن المعدود هنا ذنبا التفريط في محفوظه بعدم تعاهده ودرسه.