رمضان يلملم أحشاءه.. بقلم د / سعاد حسني

كل شئ له بداية لابد أن يكون له نهاية. حقيقة ثابتة لا يعتريها الشك أو البهتان. سنة كونية على أساسها خلق الله الكون. فالعمر مهما طال أجله لابد أن ينتهي، هذه سمة الحياة. فهذا هو رمضان يلملم أحشاءه ويهيئ نفسه للرحيل؛ وليفارقنا بعيون مشحونة بالدموع، وقلوب مخمرة بالحزن لفراقه. يومان وتذهب الأيام الجميلة المملؤة بالبركة والخير والصفاء، يومان وتتركنا النفحات الطيبة والإحساس بالطمأنينة والهدوء والسكينة. ولم يكن باستطاعاتنا أن نبقيها معنا وقت أطول. فهو ضيف عزيز كريم خفيف على الروح والنفس، لا يريد أن يحملنا مشاقة ولا تعب. ضيف عفيف النفس يدخل الفرحة والسرور والبهجة على مضيفه دون أن يأخذ منه شيئا. ضيف يجمعنا في حلقة تنافس وسباق على رضا الله وشكره على نعمه وفضله. ونغسل فيه ذنوبنا و ذلاتنا بكثرة الطاعات، والأعمال الطيبة. وليس هذا فحسب بل أنه يتركنا في فرحة بقدوم العيد، والإحساس ببهجته، كما جاء بفرحة.
ولكن عسانا أن نتخلق بأخلاقه بعد فراقه؛ فرب رمضان هو رب كل الشهور. وعلينا أن نبقى على سلوكنا الطيب كما كنا في رمضان. وعلينا أن نتحلي بالحب والعفو والسماحة كما كنا في رمضان. وعلينا أن نبقى على طاعاتنا وتقربنا إلى الله وتنافسنا على فعل الخيرات. ولنجعل عمرنا كله رمضان. واللهم بلغنا رمضان..