ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم .. بقلم الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين أحق من شكر وأولى من حمد، وأكرم من تفضل وأرحم من قُصد، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فاتقوه وراقبوه، وتوبوا إليه ولا تعصوه، ثم أما بعد إن من يتذكر يوم العاشر من رمضان أو السادس من شهر أكتوبر المجيد يعلم جيدا أنه يوم النصر العظيم الذى إستعادت فيه مصرنا الحبيبة أرضها وكرامتها فإن الله عز وجل نصر الجيش المصري في حرب السادس من أكتوبر لأن هذا الجيش العظيم أخذ بأسباب النصر، وأول هذه الأسباب التي أدركتها وتمسكت بها قواتنا المسلحة المصرية، هو الإيمان بالله عز وجل واليقين بقدرته، وأن الإيمان بالله عز وجل لا يعني عدم الأخذ بالأسباب المادية في طريق تحقيق النصر، لأن هذا يعد تواكلا لا يستحق صاحبه النصر.

ولكن يجب على الإنسان المسلم العاقل أن يأخذ بجميع الأسباب المادية الممكنة وأن يعد العدة والعدد وأن يخطط تخطيطا سليما مع إيمانه الكامل أن النصر بيد الله تعالي وحده، ولذلك قال الله تعالى في بداية سورة الأنفال ” يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون” وهنا دعا الله تعالى المؤمنين أن يثبتوا في المعركة، وألا يكفوا عن ذكر الله عز وجل حتى في أثناء قتال الأعداء، وأن رجال الأزهر كان لهم دور كبير في نصر أكتوبر العظيم، من خلال وجودهم مع جنود مصر على جبهات القتال يحثونهم على الثبات، ويذكرونهم بوعد الله عز وجل للمؤمنين بالنصر، وبما أعده سبحانه للشهداء، وأن الأزهر ما زال يقوم بدوره في الدفاع عن الوطن، بل وعن الإنسانية، من خلال مواجهة الإرهاب والتطرف بالفكر الوسطي.

ودحض إدعاءات التنظيمات الإرهابية التي ترتكب جرائمها بإسم الدين الإسلامي، وهذا الدين براء من هذه الممارسات الإجرامية، بل دعا لمحاربتها والتصدي لها، وتخليص العالم من شرورها، وأن النصر لا يصنعه بشر ولا قوة وإنما يأتى من عند الله الحكيم، حيث يقول الله عز وجل ” وما النصر إلا من عند الله” وقوله تعالى “وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة” ولقد أعد الله سبحانه وتعالى للشهداء من الأجر العظيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فلقد أعد لهم دار الخلود، ودار الخلود هى التي وعد عباده من كان منهم تقيا، ومن أتقى وأكرم من الشهيد سوى من رضي الله من الأنبياء والصالحين ممن رفعهم مكانا عليا، فإن منازل الشهداء عند الله عز وجل لا يبلغها أى مخلوق، وقد ذكر الله أجر الشهداء في القرآن فقال سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم.

” ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون” وإن الشهداء عندما صعدت أرواحهم إلى السماء ورأوا ما كانوا يوعدون فرحوا بعطاء الله تعالى، ولكنهم حزنوا على أهلهم وإخوانهم الذين يحزنون عليهم في الدنيا، فسألوا الله تعالى أن يطمئن أهلهم عنهم، فأنزل هذه الآيات ليواسي أهلهم، فقد رأى الشهيد من الأجر العظيم ما لم يره غيره وما لم يتوقعه هو نفسه، فمنها أنه حي عند ربه، ومنها أنه مع الأنبياء والصديقين في منزلة رفيعة عند الله عز وجل، ومنها أنه لا يشعر بألم ولا عذاب عند موته، ومنها أنه لا يعذب في قبره ولا يوم القيامة، ومنها أن منزلته في الفردوس الأعلى، ومنها غير ذلك مما استأثر الله تعالى به في علم الغيب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى