الكاتب محمد كمال قريش.. ورؤيته للتسريبات الأخيرة بين جمال عبدالناصر والقذافي

ملخص الحوار بين الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي..

– القذافي يرى أن القوة العسكرية هي الطريق إلى تحرير فلسطين كلها. ويحث على هذا. ويزيد بأنها مسألة حياة أو موت. مسألة وجودية، إما نحن أو إسرائيــ..ــل.

– عبدالناصر يرى عكسه تمامًا، على الأقل في الوقت الحالي. يرى أن الأمور في يد أمريكا. وأن على المجتمع الدولي التدخل. وأن من التهور مواجهة إسرائيــ..ــل في تلك الظروف سنة 70. وأن هناك فارق كبير في القوة والاستعدادت والتخطيط.

– ويزيد عبدالناصر بأن القادة العرب لا يفعلون سوى توريطه أكثر وأكثر في حــ..ــروب مهلكة مع إسرائيــ..ــل. ويقول نصًا “حلوا عننا”، من يريد أن يحشد قوته العسكرية فليحشد، لكن اتركونا في حالنا.

****

السياسة من أعقد الأمور التي يمكن فهمها. ومن الحماقة أن يظن أحدهم أنه يفهم، من مجرد تصريح أو حوار أو حتى حدث. مؤخرًا، ومن صعوبة استيعابنا للأحداث، صار مصطلح “مسىرحية” يستخدمه كثير من الناس في الحكم على الأمور. وحقيقة هذه طبيعة السياسة؛ لا تبدو واضحة أبدًا ومفهومة، حتى ولو بدت واضحة ومفهومة!

من الحماقة أو الجهل، أن نأخذ صورة واحدة لا تتغير عن رجل سياسة؛ فنحن لا نعرف ما يجري خلف الكواليس، ولو عرفناه من العسير تفسيره تفسيرًا منطقيًا عقلانيًا. لأنها سياسة، ومن الممكن جدًا أن يكون ما يجري، هو عكس ما يريد من أجراه، أن يجري! فالسياسة لعبة سنين وأزمان، وليست لعبة أيام وشهور. هي مخططات لعقود، وليست قرارات وقتية.

عبدالناصر، ذلك الرجل الذي حير الكثيرين في فهم طبيعته وانتماءاته ومواقفه. أنموذج جيد لما أتحدث عنه. في التسريبات، يبدو واحدًا آخر غير ما عُرف عليه طوال تلك السنوات. يبدو سياسي واقعي، لا مندفع ولا متهور. يزن الأمور بميزان المنطق ويضعها في نصابها، لا يزنها بتلك النبرة الواثقة (العنجهية) التي عرفه بها العالم.

عبدالناصر يقول “حلوا عننا”، ليس ضعفًا وجبنًا وانهزامًا وتسليمًا كما بدا، بل تهكمًا على القادة العرب، ويأسًا وحزنًا. يقول اتركونا في حالنا، من شعوره بالخذلان، والتوريط.

جُرت قدمه في معارك كثيرة. أو راح لها متعمدًا. ولكنه أفاق على واقع مرير. كيان زُرع في قلب العرب، بدعم من العالم. ودول عربية ومسلمة متفرقة. لا ينفكون يتفقون حتى يختلفون مرة أخرى وأخرى. ولا ثقة فيهم كما قالت عبارات عبدالناصر التي لم يقولها!

لا أتحدث عن حاكم مستبد أو ديكتاتور أو أو…. أتحدث عن رجل دولة، في موقف حــ..ــرب، بلاده مُحتلة، يحسب الأمور بحساب الهزيمة والنصر. بأن الاندفاع لن يحرر فلسطين، بل سيسلب مزيدًا منها، ومن الأراضي العربية كما حدث في 67. وأن من المنطق ألّا نفكر في تحرير ما سُلب في 48، قبل التفكير في تحرير ما سُلب في 67. وأن هذا واقع شديد الوضوح، ومن يرى عكسه فهو شخص يريد مزيدًا من الخسائر.

هي نبرة رجل صادق فيما يقله. محبطًا. منكسرًا. يريد ويريد.. لكن واقع بلاده وقوته، لا يساعدانه.

وفي الأخير هذه وجهة نظر شخصية في أمور سياسية، ومن الحماقة الاعتقاد والتسليم بأنها صائبة!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى