الزهرة العناق تكتب : عندما يتحدث الجرح

الجرح لا يشهر سيفا، بل ينحت نفسه نقطة في آخر كل جملة حزينة لم تكتب بعد.
إنه الذكرى حين تفقد طريقها، والعبرة حين تتسكع في ممرات العين، تبحث عن إذن لتغادر.
عندما يتحدث الجرح، يخرج الصمت من صمته، يرسل رسالته، ليس بالحرف، بل نداءات مكتومة تشق حنجرة المشاعر و الأحاسيس.
عندما يتحدث الجرح، إنه لا يصرخ، بل يشبه النسيم إذا استحال عليه إخماد نار ملتهبة تحت جلد الريح.
حين يتحدث الجرح فإنه لا يستأذن، بل يوقظ الحنين المنهك، و يجعل للشوق الأخرس لسانا ينطق به، ويعيد صياغة الماضي بأبجدية لم تسجل في معاجم الرواة.
حديث الجرح، لا يحدث كسورا في الجسد، بل منعرجات في مجرة القلب، و انحناء في مدار البوح.
يتحدث الجرح حين تخونك الحروف، و يكتبك حين تعجز عن كتابة نفسك.
يخاطبك بـ”لماذا؟” دون أن ينتظر جوابا.
يهمس: كيف تآمرت علي بالصبر، وأنا أنزف دون صوت؟
يسألك: لم عالجتني بالإنكار؟ و سترتني بمنديل التجاهل، و تركتني أتعفن تحت ابتسامتك المزيفة؟
عندما يتحدث الجرح، تخجل الكلمات و تنسحب البلاغة، ويبقى هو وحده، السيد المتوج على عرش الشعور.