من عروس المتوسط إلى سيدة المدن.. قصة صعود “ملك نيويورك” مصطفى غانم

كتب: خالد البسيوني

 

في خضم الحراك الحضري الصاخب، حيث تتلاقى الأحلام وتتداخل الطموحات، يبرز مسار شاب عربي استثنائي، استطاع أن يشق طريقه من شواطئ الإسكندرية الخلابة إلى أضواء نيويورك الساطعة، ليغدو شخصية مؤثرة في أوساط الجالية العربية هناك، إنه مصطفى غانم، الذي تجاوز حدود الشهرة الرقمية ليحصد لقب “ملك نيويورك” بتأثيره العميق ومبادراته الملموسة.

بدأت فصول هذه الحكاية الملهمة في الإسكندرية، حيث تفتحت مدارك مصطفى على عالم الإعلام الرقمي في بداياته. لم يكن مجرد متلقٍ للمحتوى، بل مبدعًا بالفطرة، شرع في نشر لمحات فكاهية وميمات لاقت استحسانًا بين أقرانه. لكن طموحه تخطى حدود الترفيه المحلي، فسعى لتطوير أدواته، وتعاون مع صانعي محتوى بارزين في مصر، مكتسبًا خبرات قيمة في مجالات التصوير والمونتاج والإخراج.

لم تشبع النجاحات الأولية في مصر شغف مصطفى الطموح، فانطلق نحو دبي، مؤسسًا شركته الأولى في ميدان التسويق الإلكتروني، موجهًا دفة أعمالها عن بعد، لكن ارتباطه بجذوره ظل وثيقًا، عقب فترة من الازدهار، شعر بفراغ داخلي استدعاه للتوقف، ليجد نفسه في مواجهة تحديات شخصية.

في ذروة جائحة عالمية، اتخذ مصطفى قرارًا محوريًا بالعودة إلى نيويورك، مسقط رأسه. لم تكن العودة يسيرة، إذ واجه صعوبات في التكيف مع نمط الحياة المغاير وعانى من إحساس بالعزلة في بداياته.

بيد أن عزيمته الصلبة لم تلن، بل انخرط في دراسة الهندسة بإحدى الجامعات المرموقة، وبالتوازي، عمل في سلسلة ستاربكس الشهيرة، مرتقيًا في مسؤولياته ليصبح خبيرًا في فنون القهوة.

في نيويورك، استعاد مصطفى شغفه بإنتاج المحتوى، لكن برؤية أكثر نضجًا وعمقًا. رغب في تمثيل هويته الحقيقية ومخاطبة الجالية العربية المتنامية في أمريكا، التي استكشف حجمها وتنوعها، بدأ يقدم محتوى يلامس اهتماماتهم ويجمعهم على قاعدة مشتركة من اللغة والثقافة والتطلعات.

تجاوز تأثيره نطاق العالم الافتراضي، ليطلق مبادرات واقعية تخدم الجالية. نجح في تنظيم فعاليات واسعة النطاق استقطبت الآلاف من العرب في عدة ولايات أمريكية، وبرز كأول صانع محتوى عربي يحصل على عائد مادي مقابل الترويج لمشاريع عربية داخل الولايات المتحدة، مساهمًا بذلك في دعم الاقتصاد العربي المحلي.

اليوم، تخطى عدد متابعي مصطفى غانم حاجز المليون ونصف، وتعاون مع عشرات المشاريع العربية في أمريكا، وأسس شركة للتسويق الإلكتروني، وأطلق مبادرة “عز العرب” الرامية إلى تضافر جهود رواد الأعمال العرب وتعزيز قدراتهم.

رحلة مصطفى غانم من أزقة الإسكندرية إلى قلب نيويورك ليست مجرد حكاية نجاح فردي، بل هي دليل حي على قوة الإرادة والطموح والإيمان بالذات، إنه يمثل رمزًا للأمل والعزيمة للشباب العربي أينما كانوا، ويثبت أن الجذور الراسخة يمكن أن تثمر أزهارًا يانعة في أي تربة. لقد استحق لقب “ملك نيويورك” لا بعدد متابعيه فحسب، بل بعمق تأثيره الإيجابي في حياة الجالية العربية بأسرها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى