المراهق المتهم: بين الأحلام والواقع العلياء العلي

المراهق المتهم: بين الأحلام والواقع
العلياء العلي
أصبح فقدان الأبناء نتيجة إهمال الآباء وتخليهم عن مسؤولياتهم ظاهرة ملحوظة في المجتمع.
تزايدت في السنوات الأخيرة ظاهرة تدخين النرجيلة وزيارة المقاهي بشكل كبير، حيث أصبحت هذه الأماكن منتشرة في كل ركن من المدينة والقرية، وقريبة من المنازل، مما يسهل الوصول إليها. وقد تحولت هذه المواقع إلى ملاذ للأطفال والمراهقين، مما يشكل خطرًا على صحتهم ومجتمعهم. فقد أدى ذلك إلى انشغال الشباب عن الدراسة وتراجع مستواهم التعليمي بسبب قضائهم وقتًا طويلاً فيها. كما تعرض بعضهم للاستغلال من قبل عصابات الجريمة وتجارة المخدرات أو الأعضاء البشرية، بينما لجأ آخرون إلى السرقة لتوفير المال لشراء النرجيلة، نتيجة الإهمال وعدم متابعة الأهل لهم، مما أدى إلى إدمانها بين الشباب والمراهقين.
أصبحت هذه الأماكن كأوبئة تهدد الطفولة والبراءة، لما لها من تأثيرات صحية ونفسية واجتماعية، فهي من أخطر الأماكن على الطفولة وضياعها.
**”أخطاء الآباء: العامل الأساسي في ضياع الأبناء المراهقين بلا متابعة أو اهتمام”**
يتجول الأطفال بحرية كما يشاؤون، مما أدى إلى التفكك الأسري وتأثيره على العلاقات الاجتماعية.
من بين هؤلاء المراهقين، الشاب محمد الذي يبلغ من العمر 14 عامًا، وأشقاؤه الذين فقدوا حنان الأم بعد وفاتها، تاركة إياهم مع أب مهمل لا يحمل في داخله مشاعر الأبوة.
أب غير مهتم بتربية أبنائه، مما جعلهم شبه مشردين بسبب قسوته الشديدة في التعامل معهم. أولاد في مرحلة حرجة من حياتهم، وهي مرحلة الانتقال من الطفولة إلى الشباب، صاروا يعيشون في منازل أصدقائهم ويقضون معظم أوقاتهم في الشارع مع رفقاء السوء، حتى انتهى الأمر بمحمد إلى السجن بتهمة سرقة “لتلبية احتياجاتهم من ملابس وطعام ودخان وجلسات في المقاهي”.
أما الأخ الآخر، فقد فقد حياته في مشاجرة مع مجموعة من الشباب لأتفه الأسباب، نتيجة الإهمال وعدم المتابعة من الأب، وإصراره عليهم بالعمل وترك الدراسة. ومع أنهم لن يجدوا فرص عمل تلبي رغبات والدهم وما طلب منهم، اتجهوا إلى السرقة والتشرد في الشوارع.
تؤثر جلسات المقاهي سلبًا على المجتمع، حيث تزيد من احتمالية استغلال الأطفال والمراهقين، وتؤدي إلى تدهور أدائهم الدراسي، كما تزيد من مخاطر الاضطرابات النفسية وتؤثر على العلاقات الاجتماعية.
المسؤول الأول عن سلوكهم وتصرفاتهم، سواء كانت إيجابية أو سلبية، هي الأسرة، حيث تلعب دورًا أساسيًا في نشأة وتكوين الأبناء. كما أن للبيئة تأثيرًا كبيرًا، حيث يعيش الطفل في مجتمع متفكك أسريًا ومنخفض المستوى العلمي أو الثقافي، ويفتقد القيم ويتجاهل العادات والتقاليد، مما يجعل الأبناء ينشأون على الخطأ والتسيب والحرية المطلقة دون الوعي الكامل.
لذا، يمكن تطبيق عدة حلول للحد من هذه الظاهرة، مثل تعزيز التعليم وزيادة الوعي بمخاطر تدخين النرجيلة، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم، بالإضافة إلى تعزيز الأنشطة الرياضية والثقافية كبديل لجلسات المقاهي.
كما يجب علينا العمل معًا للحد من هذه الظاهرة وتعزيز الصحة النفسية والجسدية للأطفال والمراهقين. من الضروري سن قوانين تحظر بيع النرجيلة لهم ومنع فتح هكذا مقاهي قريبة من المناطق السكنية وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي اللازم.