قمة مواجهة العدوان على غزة و«أزمات بؤر النار»

على الرغم من أنها قمة عربية دورية عادية، تحمل رقم ٣٣ منذ أن أقر القادة العرب، دورية انعقاد مؤسسة القمة ، إلا أن قمة البحرين، التى تتجه الأنظار إليها اليوم، تتسم بطابع استثنائى، فهى الأولى التى تحتضنها المملكة فى تاريخها، ما تجلى فى هذا المدى الواسع من الاهتمام الذى حظيت به سواء على مستوى التحضيرات، بالتنسيق مع الأمانة العامة للجامعة العربية، أو على مستوى إعداد الملفات المطروحة عليها أو على مستوى الترحيب الشعبى ،هذا من حيث المكان، أما من حيث التوقيت، فهى تعقد فى ظل مخاطر حقيقية تواجه النظام الإقليمى العربى تبلغ إلى حد تهديده وجوديا، مايلقى على القادة عبئا مضاعفا لتتسق مخرجات القمة، مع متطلبات المواطن العربى. ومن خلال متابعة نتائج الاجتماعات التحضيرية خلال الأيام القليلة المنصرمة، وآخرها اجتماع وزراء الخارجية أمس الأول، والذى بلور الصياغات النهائية لمشروعات القرارات والوثائق الختامية، يمكن رصد المحددات التالية المتوقعة أن تسفر عنها قمة البحرين.
أولا: إن ملف حرب الإبادة التى يشنها جيش الاحتلال فى غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى، سيتصدر مناقشات القادة العرب وقرارات القمة، فى ضوء ما باتت تنطوى عليه من تداعيات بالغة الخطورة على الأمن القومى العربى والاستقرار الإقليمى، لاسيما فى ظل مخطط حكومة اليمين فى الكيان الإسرائيلى بالاجتياح البرى الشامل لمدينة رفح الفلسطينية، فى تحد سافر لكل التحذيرات العربية والإقليمية والدولية، ومن المنتظر أن تبعث قمة البحرين برسالة قوية لهذه الحكومة، بحسبانها «قمة مواجهة» مع عدوانيتها، للتوقف عن صلفها وغرورها واستهانتها بالشعب الفلسطينى فضلا عن استهانتها بالقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى. وفى هذا السياق، يمكن الإشارة إلى أن بعض مضامين هذه القرارات، يحمل أبعادا جديدة تختلف عن المواقف التقليدية، التى شكلت على مدى السنوات الأخيرة ملامح الخطاب العربى الدبلوماسى، وفى صدارتها دعوة مجلس الأمن لتبنى قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لإلزام الكيان الإسرائيلى بوقف إطلاق النار، والذى يتضمن فرض عقوبات فى حال عدم تنفيذ قرارات، وكذلك ستعتبر القمة أن اجتياح رفح يمثل اعتداء على الأمن القومى العربى من نافذة الاعتداء على الأمن القومى المصرى، وسيرفض القادة العرب رفضا مطلقا أى محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى خارج أراضيهم سواء من غزة أو من الضفة الغربية على نحو يمكن أن ينطوى على تمهيد لتصفية القضية الفلسطينية.
ثانيا: لن يغيب عن قمة البحرين، ما يمكن وصفه بـ«أزمات بؤر النار» التى مازالت مشتعلة فى الإقليم، بداية بالأزمة السورية مرورا بأزمة ليبيا واليمن وصولا إلى الحرب الطاحنة فى السودان والفراغ الرئاسى فى لبنان.. والتعامل معها سيقوم -وفق المنظور العربى- على التركيز على منح كل الأولوية للحوار بين فرقاء هذه الأزمات، باعتباره المدخل الوحيد لإنهائها.
ثالثا: تبنى القمة حزمة من القرارات الواجبة التطبيق فيما يتعلق بعدد من الإستراتيجيات التى تم إعدادهامن قبل اللجان المختصة، وفى مقدمتها إستراتيجية الأمن الغذائى والأمن المائى العربى والأمن السيبرانى فى المنطقة العربية، ومواجهة التغييرات المناخية فى المنطقة.