حكاية «فانوس رمضان» الذي تحول من أداة للإنارة إلى رمز ثقافي يضيء الشهر الكريم

كتبت -رانيا البدرى

مع حلول شهر رمضان 2025، تكتسي الشوارع والأحياء العربية بزينة مميزة، يظل الفانوس أحد أبرز نجومها، فهو ليس مجرد وسيلة للإضاءة، بل رمز يحمل في طياته تاريخًا طويلًا ممتدًا عبر العصور، لكن كيف بدأت قصة الفانوس؟ وهل كان مجرد مصباح في بداياته أم أن جذوره تضرب في أعماق التاريخ؟

هناك عدة نظريات حول أصول فانوس رمضان، لكن أغلبها يتفق على أن الفانوس بدأ كأداة للإنارة، حيث كان الناس قديمًا يشعلون الشموع داخل الفوانيس لإضاءة الشوارع ليلاً. وبحسب تصريحات الدكتور أحمد عامر، الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «8 الصبح»، المذاع عبر فضائية «DMC»، فإن بعض الباحثين أرجعوا أصل الفانوس إلى العصر القبطي، حيث كان الناس يحملون المصابيح عند الذهاب إلى الأديرة ليلًا، وكان يُطلق عليه آنذاك “فيناس”، ثم تطور الاسم لاحقًا ليصبح “فانوس”.

لكن الرواية الأكثر انتشارًا، وفقًا لما ذكره المقريزي، تعود إلى العصر الفاطمي، وتحديدًا إلى يوم 15 رمضان عام 362 هـ، عندما خرج المصريون حاملين الفوانيس والمشاعل لاستقبال الخليفة المعز لدين الله الفاطمي عند صحراء الجيزة، حيث اصطفوا في موكب ضخم، وهتفوا ترحيبًا به، ومنذ ذلك الحين أصبح الفانوس مرتبطًا بشهر رمضان.

لم يكن الفانوس مجرد زينة، بل كان جزءًا أساسيًا من نظام الإنارة في العصر الفاطمي، حيث كانت الشوارع تمتلئ بالفوانيس الممتدة من جامع الأقمر حتى سوق الدجاجين، وكانت تختلف في أحجامها وألوانها، لدرجة أن بعضها كان يزن حوالي 5 كيلوجرامات.

وكان المصريون هم أول من استخدموا فانوس رمضان بشكل منظم، حيث كانت السلطة الفاطمية تفرض على أصحاب المتاجر تعليق الفوانيس أمام حوانيتهم لإضاءة الطرقات، مما جعل القاهرة في ذلك الوقت تبدو وكأنها مضاءة بالكامل خلال ليالي رمضان.

منذ عقود طويلة، يردد المصريون، خاصة الأطفال، أغنية “وحوي يا وحوي”، وهم يمسكون بفوانيسهم في الشوارع احتفالًا بقدوم رمضان. لكن قليلين يعرفون أن هذه العبارة تعود إلى أصل هيروغليفي، حيث تعني “استقر يا قمر” أو “قم يا قمر”، في إشارة إلى اكتمال الهلال وبداية الشهر الكريم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى