«المعبود تحوت».. إله الحكمة المصري في قلب النمسا

كتابة و اعداد/ رانيا البدرى 

تحوت، المعبود المصري القديم الذي جسّد الحكمة والمعرفة، يُعد من أبرز الآلهة في الميثولوجيا المصرية. وقد كان له دور محوري في العديد من الجوانب الثقافية والدينية، حيث ارتبط بالكتابة، الحساب، العلم، والعدالة. ومن بين القطع الأثرية النادرة التي تُخلد ذكراه، نجد هذا التمثال الفريد الذي يصور تحوت في هيئة طائر «أبومنجل»، والذي يعكس أهمية هذا المعبود في الحضارة المصرية القديمة، لكن المفاجأة أن هذا التمثال لا يوجد في مصر، بل يُعرض حاليًا في متحف تاريخ الفن في فيينا بالنمسا، كما أكده الباحث الأثري الدكتور حسين دقيل، المتخصص في الآثار اليونانية الرومانية.

يُعتبر تحوت من أكثر الآلهة تأثيرًا في الديانة المصرية القديمة، حيث عُرف بأنه «كاتب الآلهة» والمسؤول عن تسجيل أحداث الكون. وقد كان يُصور غالبًا على هيئة رجل برأس طائر «أبومنجل»، وهو الطائر الذي كان يُعتبر مقدسًا عند المصريين. وارتبط تحوت بالقمر، إذ كانوا يعتقدون أنه يتحكم في توازن العالم، ويعمل كوسيط بين الخير والشر.لم يكن تحوت مجرد إله للمعرفة فحسب، بل كان له دور رئيسي في الطقوس الدينية، خاصة في محكمة الحساب في العالم الآخر، حيث كان يُسجل نتائج ميزان العدالة الذي يُحدد مصير الأرواح بعد الموت. وقد مثلت كتاباته الأساس الذي بُنيت عليه النصوص المقدسة وعلوم الحساب والفلك في مصر القديمة.

يُعد هذا التمثال من القطع النادرة التي تمثل تحوت بطريقته التقليدية، أي على هيئة طائر أبومنجل. يتميز التمثال بتصميمه الفريد، حيث جرى تصنيعه بدقة متناهية باستخدام مواد متعددة، تعكس براعة الحرفيين المصريين في الفترة المتأخرة من الحضارة الفرعونية.

الخامات المستخدمة: يتكون جسم التمثال من الخشب المغطى بطبقة من الجص الناعم، بينما صُنعت الرأس، التاج، الرقبة، الذيل، والأرجل من الفضة.

تفاصيل العيون: أُعدت العيون بعناية فائقة من الجص والزجاج الأسود، مما أضفى عليها مظهرًا نابضًا بالحياة.

التاج: يتوج رأس تحوت «تاج الأتف»، وهو رمز ملكي كان يستخدم في الطقوس الدينية ويعبر عن الحكمة الإلهية.

كان تحوت من أكثر الآلهة احترامًا في مصر القديمة، ليس فقط بسبب معرفته الواسعة، بل لدوره في تحقيق العدالة وحفظ التوازن الكوني. وقد كان المصريون يعتقدون أنه منحهم الكتابة، وعلّمهم أسرار الكون، مما جعله شخصية محورية في الفكر الديني والعلمي.

لعب تحوت دورًا حيويًا في معتقدات المصريين حول الحياة بعد الموت، حيث كان حاضرًا في «محكمة أوزير» التي تُحاكم الأرواح في العالم الآخر. كان مسؤولًا عن تسجيل وزن قلب المتوفى مقابل ريشة المعبودة ماعت، وهو المبدأ الذي كان يُحدد ما إذا كان الشخص يستحق العبور إلى الحياة الأبدية.

يعود تاريخ هذا التمثال إلى الأسرة السادسة والعشرين (664-525 ق.م)، وهي فترة شهدت إحياء التقاليد الفنية والدينية للحضارة المصرية القديمة. وتميزت تلك الفترة بالاهتمام بإحياء الرموز الدينية وإنتاج قطع فنية ذات طابع مقدس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى