إنسحاب جيش الاحتلال من شمال غزة يكشف حجم المأساة والدمار
متابعة/ رضا النادي
غزة – “الأناضول”:
على أطلال منزله المدمر، يتجول المواطن تامر كسكين، وعلامات وجهه تعبر عن خيبة أمل وحزن شديدين على ما أصابه جراء العدوان الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة.
وما إن شاهد كسكين (50 عاماً) منزله مدمراً غمرته مشاعر الحسرة على خمسين عاماً من ذكرياته التي ذهبت هباءً، واغرورقت عيناه بالدموع.
ووسط مشاهد الدمار، يتساءل الرجل عن مستقبله ومقره وسط عدم اليقين الذي يحيط به بسبب الدمار الهائل الذي لحق بمنزله ومنازل وممتلكات المواطنين شمال قطاع غزة.
يحيط بمنزل كسكين في منطقة “أبراج المخابرات” شمال قطاع غزة، مئات المنازل والشوارع والبنية التحتية التي دمرها جيش الاحتلال أثناء توغله البري.
لم يبق للرجل وعائلته مكان يقيهم برد الشتاء بعد انهيار منزلهم الذي لطالما حلموا بأن يعودوا إليه بعد أن تضع الحرب أوزارها.
لكن انسحاب جيش الاحتلال من شمال قطاع غزة كشف حجم المأساة والدمار في المناطق السكنية، فراحت أحلام العائلة أدراج الرياح.
وقال كسكين: “اعتقدت أنني عندما أعود إلى منزلي سأجد غرفة أجلس فيها، لكني لم أجد شيئاً، ولم أستطع أن أوقف دموعي إلا بعدما شاهدت الدمار من حولي”.
وأضاف: “منزل جيراني عائلة الغول لم يدمر لكنه محروق بالكامل، لا فائدة منه، فالباطون أصبع ضعيفا، والعائلة تخاف أن تمكث فيه لأنه أصبح مثل القطن والقش”.
وتساءل مستنكراً: “لا يوجد لنا مأوى، ماذا نفعل؟”، وأردف: “آمل أن تنتهي الحرب، لكن بعد ذلك ماذا سنفعل بحالتنا؟ أريد المكوث بمدرسة لكنهم هدموا المدارس، أين أسكن؟ أنتوجه للمستشفيات، لا يوجد مستشفيات لم يبق شيء!”.
وأكد: “حياتي ضاعت، عملت 50 عاماً لكن كل شيء ضاع اليوم، ماذا أفعل؟ هل أنتظر الإعمار بعد 10 سنوات! متى يأتي دوري؟ يكون عمري قد انتهى، سنون العمر ذهبت بلحظة، كنت أبني مستقبلاً لأولادي لكن كل شيء دمرته إسرائيل”.
وحول توفر العلاج والطعام في شمال قطاع غزة، قال كسكين: “لا يوجد علاج ولا طعام لأطفالنا حالياً، نحن نتحمل لدينا مناعة، لكن الأطفال مناعتهم ضعيفة (..) الاحتلال يحارب الأطفال والنساء”.
ولفت إلى أنه لم يكن يعرف من هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واستدرك بالقول: “لكن حقده (نتنياهو) هو الذي عرفنا به”.
وما إن وجد كسكين بيته مدمراً، ذهب للمكوث في بنايات طور الإنشاء كانت تعكف على تشييدها مصر قبل الحرب في شمال قطاع غزة، لكنه تفاجأ بأن القصف والدمار طال تلك البنايات أيضاً.
وأضاف: “أنا تعبت، لا أعلم ماذا أفعل، أذهب إلى المدرسة أجدها مدمرة، أذهب إلى الأبراج المصرية أيضاً مدمرة. كنت أنوي أن أسكن في الأبراج المصرية وهي قيد الإنشاء ونضع قماشا ليحمينا، لكن تم تدميرها”.
وبعد انسحاب جيش الاحتلال من شمال القطاع، بدأ في الظهور حجم الدمار الذي خلفه في الأبراج السكنية والبنية التحتية أثناء توغله.
وعقب انسحاب الجيش الاحتلال انتشرت فيديوهات على مواقع التواصل، تُظهر الأبراج السكنية التي تعهدت مصر عام 2021 ببنائها وهي مدمرة بشكل كبير، وأخرى تعرضت لأضرار جزئية جراء العمليات العسكرية البرية التي نفذها الجيش.
وفي 27 تشرين الأول الماضي، بدأ جيش الاحتلال عملية برية شملت توغله في عدة مناطق وأحياء بمحافظتي غزة والشمال.
ومنذ منتصف كانون الأول بدأ بالانسحاب التدريجي من مناطق بمحافظة الشمال ليتبعها في بداية كانون الثاني الماضي انسحابات جزئية من أحياء ومناطق بمحافظة غزة.
ويشن جيش الاحتلال منذ 7 تشين الأول حرباً مدمرة على غزة خلفت أكثر من 27 ألف شهيد و66 ألف مصاب، معظمهم أطفال ونساء، وتسببت في دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة