الدكروري يكتب عن: الزواج من أهل الجنة

إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين هاديا ومبشرا ونذيرا، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله خير ما جزى نبيا من أنبيائه، فصلوات ربي وتسليماته عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآل بيته، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين أما بعد، قيل أن أصبغ بن زيد قال مكثت أنا ومن عندي ثلاثا لم نطعم شيئا أي من الجوع، فخرجت إلي ابنتي الصغيرة وقالت يا أبتي الجوع، فهي تشكو الجوع، قال فأتيت الميضأة، فتوضأت وصليت ركعتين، وألهمت دعاء دعوت به، في آخره ” اللهم افتح عليّ منك رزقا لا تجعل لأحد عليّ فيه مِنة، ولا لك عليّ في الآخرة فيه تبعة، برحمتك يا أرحم الراحمين”
ثم انصرفت إلى البيت، فإذا بابنتي الكبيرة وقد قامت إليّ وقالت يا أبتاه جاء رجل يقول إنه عمي بهذه الصرة من الدراهم وبحمّال عليه دقيق، وحمّال عليه من كل شيء في السوق، وقال أقرئوا أخي السلام وقولوا له إذا احتجت إلى شيء فادع بهذا الدعاء، تأتك حاجتك، قال أصبغ بن زيد والله ما كان لي أخ قط، ولا أعرف من كان هذا القائل، ولكن الله على كل شيء قدير، وإن ثواب الله عظيم للمؤمنين، فيقول سبحانه وتعالي في نعيم الجنة “فيهن خيرات حسان” أي خيرات الأخلاق، حسان الوجوه، جمع الله لهن الجمال الحسي والجمال المعنوي، فما رأيكم لو أن امرأة واحدة من الحور العين أطلت علينا في سمائنا، ماذا يحدث في هذا الكون؟ فاستمع إلى الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم وهو يصف هذا المشهد ويقول ” لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحا”
أي ما بين المشرق والمغرب يعج بريحها الطيب، قال ولأضاءت ما بينهما ” ليس لأنوار الأرض مكان، ليس للشمس مكان عند نور الحورية ” قال ولنصيفها على رأسها ” أي خمارها ” خير من الدنيا وما فيها ” رواه البخاري، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين على كل واحدة سبعون حلة، يرى مخ ساقها من وراء اللحم ” رواه أحمد، أى لو ضحكت في وجه زوجها لأضاءت الجنة من نور مبسمها، ولو بزقت في ماء البحر لجعلته عذبا زلالا من حلاوة لعابها، وينظر إلى وجهه في خدها أصفى من المرآة، وإن أصفى ساعات المسلم وأفضلها وأرقى درجاته أن يستولي على قلبه الطمع في الجنة والخوف من النار، وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.
يغلب على قلوبهم الخوف من النار والطمع في الجنة في كل أوقاتهم وأحوالهم، فصلحت أعمالهم واستقامت لهم أمورهم، فهذا عبد الله بن رواحة رضي الله عنه من القادة الشهداء يودع أصحابه في غزوة مؤتة فيبكي ويقال له ما يبكيك؟ فقال والله، ما أبكي صبابة بكم ولا جزعا على الدنيا، ولكن ذكرت قول الله تعالى ” وإن منكم إلا واردها كان علي ربك حتما مقضيا” فكيف لي بالصدر بعد الورود؟ وهذا عُمير بن الحمام رضي الله عنه لما قال النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر ” قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض، كان في يده تمرات، فرمى بهن وقال لئن بقيت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فقاتل حتى قتل” رواه مسلم، وهذا أنس بن النضر رضي الله عنه قال “إني لأجد ريح الجنة من دون أحد، فقاتل في غزوة أحد حتى قتل”