الدكروري يكتب : إياكم وصفات المنافقين

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد، إن من صفات المنافقين هو التهاون في أداء الصلوات، فهم يستثقلون الصلاة ويقومون إليها وهم كسالى لأنهم لا يرجون ثواب المحافظة عليها، ولا يخافون العقاب على تركها وتضييعها، وفي صحيح مسلم عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر، وداره بجنب المسجد، فلما دخلنا عليه قال أصليتم العصر؟ فقلنا له إنما انصرفنا الساعةَ من الظهر، قال فصلوا العصر، فقمنا فصلينا، فلما انصرفنا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.
“تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان، قام فنقرها أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلا” وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا” وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال “من سرّه أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة،
ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف” وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم “من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين” رواه الطبراني، فيا مَن تخاف النفاق على نفسك حافظ على الصلوات، واحرص على أدائها في أوقاتها مع الجماعة ما استطعت، فبالمحافظة على الصلوات تكون البراءة والنجاة من النفاق، وكما أن من صفات المنافقين أنهم لا يذكرون الله إلا قليلا، فالمنافقون لا يذكرون الله إلا قليلا، غالب أحوالهم غفلة وإعراض، فهم لا يذكرون الله إلا ذكر رياء وسمعة، لتحقيق مصالحهم وخديعة غيرهم، لا ذكر موقن ومصدّق بوعد الله تعالي طامع في حسن جزائه وثوابه.
ولو صاحبتهم الأيام والليالي الطوال ما سمعت منهم تهليلة، ولا تسبيحة، ولا تحميدة، ولا تكبيرة، كل كلامهم عن الدنيا وزينتها، وجل كلامهم كذب وإفتراء، وغيبة ونميمة، وزور وفحش، وسب وشتم، وسخرية واستهزاء، فيا مَن تريد أن تبرئ نفسك من النفاق أكثر من ذكر الله تعالي، لا تكن غافلا عن ذكر الله، عار عليك أن يمر بك يوم أو ليلة من غير ذكر لله، إذا أصبحت فابدأ يومك بذكر الله، وإذا أمسيت فاختم يومك بذكر الله، كن ذاكرا لله عند خروجك ودخولك، وعند نومك ويقظتك، وعند مأكلك ومشربك، وفي جميع أحوالك، فالمؤمن هو الذي يكثر من ذكر الله، لأنه محبّ لله ومعظم لله، ومستجيب لأمر الله، فالمؤمن يكثر من ذكر الله لأنه يعلم أن الذكر من أفضل الأعمال الصالحات، وبه تحيى القلوب وتطمئن.