قل قدر الله وما شاء فعل .. بقلم الكاتب / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله الذي جعل حب الوطن أمرا فطريا والصلاة والسلام على من ارسله الله تعالى رسولا ونبيا وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمان ومكان، أما بعد لقد حث الإسلام على الإلتفات إلى إحتياجات الآخرين دون منفعة دنيوية مرجوة، فمن يعمل الخير ويقصد به وجه الله لا يهمه الشخص الذي يقدم له المساعدة ويتجاوز مشاعره تجاهه، وأخيرا ببذل العلم لما فيه من إقامة الدين وتحسين أمور الحياة العامة، فالعلم لا ينقطع بموت صاحبه كما جاء في حديث رسول اله عليه أفضل الصلاة والسلام “إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له” إن فعل الخير له من الأثر النفسي على المؤمن ما يحقق له السعادة والطمأنينة فتجده قنوعا راضيا بما آتاه الله لا تذمر، لا شكوى، زاهدا في دنيا فانية لا يخاف في الله لومة لائم. 

كباقي أشباهه من بني الإنسان، فإن فاعل الخير ليس منزها، ولكن له رصيده من الضعف والزلات يخطئ هنا ويصيب هناك، يذنب ثم يستغفر، ثم يذنب ثم يستغفر وهكذا دواليك، لكنه لا يتوانى عن التفنن في الخير الذي لا يرسخ إلا بديمومته وأشكاله كثيرة تختلف من شخص لآخر حسب قدراته ومواهبه، واستمراريته تجعله مؤثرا في الآخرين، محفزا لهم على البذل والعطاء، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيته بقوله ” وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان” وفي ذلك حض على الرضا بقضاء الله وقدره، بعد بذل الجهد، وإستفراغ الوسع في الحرص على النافع من الأمور، فإذا أصاب العبد ما يكرهه، فلا ينسب ذلك إلى ترك بعض الأسباب التي يظن نفعها لو فعلها. 

بل يسكن إلى قضاء الله تعالي وقدره ليزداد إيمانه، ويسكن قلبه وتستريح نفسه فإن لو في هذه الحال تفتح عمل الشيطان بنقص إيمانه بالقدر، وإعتراضه عليه، وفتح أبواب الهم والحزن المضعف للقلب، وفي هذه الوصايا التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الطرق لراحة القلب، وأدعى لحصول القناعة والحياة الطيبة، وهو الحرص على الأمور النافعة، والإجتهاد في تحصيلها، والإستعانة بالله عليها، وشكر الله على ما يسره منها، والرضى عنه بما فات، ولم يحصل منها، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين الإيمان بالقضاء والقدر، والعمل بالأسباب النافعة، وهذان الأصلان دل عليهما الكتاب والسنة في مواضع كثيرة، ولا يتم الدين إلا بهما، بل لا تتم الأمور المقصودة كلها إلا بهما، لأن قوله “احرص على ما ينفعك”

أمر بكل سبب ديني ودنيوي، بل أمر بالجد والإجتهاد فيه والحرص عليه، نية وهمة، فعلا وتدبيرا، وقوله “واستعن بالله” هو إيمان بالقضاء والقدر، وأمر بالتوكل على الله عز وجل الذي هو الإعتماد التام على حوله وقوته تعالى في جلب المصالح ودفع المضار، مع الثقة التامة بالله في نجاح ذلك، فاللهم هيئ للأمة أمناء يحملون عبء نصرها، فتنصرهم ومسؤولية صلاحها فتعينهم، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين واحم حوزة الدين وانصر عبادك الموحدين، اللهم احفظ هذه الأرض من شر الأشرار، وكيد الفجار، اللهم من أرادها وبلاد المسلمين بسوء فأشغله في نفسه واجعل كيده تدميرا له، اللهم رد كيده في نحره واجعله عبرة لمن يعتبر، اللهم إنك أنت القوي فأمدنا بقوتك وإنك أنت الحليم فأسبغ علينا حلمك وإنك أنت الرحيم فأنزل علينا سكينتك وإنك أنت الرزاق فامنن علينا بكريم رزقك وإنك أنت العفو فاسترنا بعظيم عفوك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى