لا تحلل ما حرم الله و لا تحرم ما أحل الله

الزهرة العناق
تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله هو من أخطر الممارسات التي قد يرتكبها الإنسان، ليس فقط لأنه يخالف شرع الله، ولكن لأنه يقلب معايير الحق والباطل، و يخلف فوضى قيمية وأخلاقية تؤدي إلى ضياع المجتمع و انحلاله.
حين يحل الإنسان ما حرمه الله، فهو يتجرأ على حدود رسمها الخالق الحكيم، ويظن أن له القدرة على تبديلها بما يتناسب مع شهواته و أهوائه. وكذلك عندما يحرم ما أحله الله، فإنه يسلب الناس حقوقهم المشروعة، ويضيق عليهم في أمور الحياة التي جعلها الله ميسرة رحمة بهم.
هذه الممارسات تنبع من غرور الإنسان و اعتقاده أنه الأدرى بمصلحته، بينما الحقيقة هي أن أحكام الله جاءت لتضمن للإنسان حياة متوازنة وعادلة، تحفظ له حقوقه و تقيه من الأضرار التي لا يدركها بضعف عقله وحدود علمه.
التحليل و التحريم ليسا من صلاحيات البشر، بل من خصائص الله وحده، وكلما تجرأ الإنسان على تجاوز هذه الحدود، فإنه يقود نفسه ومجتمعه إلى هاوية الانحراف والضياع.
عواقب تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله:
🔸ضياع المبادئ والقيم: عندما تحلل المحرمات أو تحرم المباحات، تضيع القيم التي بنيت عليها المجتمعات. تصبح الأهواء هي التي تحكم السلوكيات، و يفقد التماسك الأخلاقي. المجتمعات التي تفسد فيها المفاهيم تصبح مهيأة للسقوط في براثن الفساد والانحراف.
🔸 انتشار الفساد والانحلال: تحليل ما حرم الله يؤدي إلى انتشار المحرمات بين الناس، مما يفتح بابا للفوضى الأخلاقية. المعاصي تبدأ في الانتشار بشكل طبيعي بين الناس وكأنها لا تحمل أي ضرر، فيفقد الإنسان حساسية التمييز بين ما هو نافع وما هو ضار.
🔸الابتعاد عن هداية الله: من يتجرأ على تغيير أوامر الله، فإنه يبتعد عن الهداية التي وضعها الله لحياة الإنسان. لا يستطيع الإنسان بناء حياته على أرضية هشة من تحريف الحقائق وتبديل الشرائع. وبالتالي، يضيع الطريق الصحيح ويصبح أكثر عرضة للضلال والشكوك.
العقوبات الإلهية: التحريف في شرع الله قد يؤدي إلى غضب الله و عقوبته. السنن الإلهية لا تتبدل، ومن يتعدى حدود الله فإنه يعرض نفسه لعواقب وخيمة سواء في الدنيا أو الآخرة. قد تكون العقوبات في شكل ضيق في الرزق، أو فساد في الأحوال، أو حتى عقوبات أوسع تؤثر على المجتمعات بأكملها.
🔸فقدان السلام النفسي: حين يتجاوز الإنسان حدود الله، يفقد السلام الداخلي الذي يجلبه الامتثال لأوامر الله. فهو يعيش في صراع بين ما يمليه عليه ضميره وما يسوغه لنفسه من تجاوزات. ولا شك أن النفس التي تخالف أوامر الله تعيش في اضطراب دائم، يتبعها شعور بالذنب وعدم الراحة.
أخيرا وليس آخرا، يجب أن يدرك الإنسان أن حدود الله ليست قيدا على حريته، بل هي حماية له من نفسه ومن فتن الدنيا. الخالق، سبحانه وتعالى، أعلم بما يصلح للإنسان وما يفسده. والتلاعب بهذه الحدود لها عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع. لذا، فإن الالتزام بأوامر الله هو السبيل الوحيد لحياة مليئة بالسلام والبركة والرضا.