التواصل الاجتماعي .. الزهرة العناق

 

التواصل الاجتماعي ما هو إلا حفلة تنكرية ندخلها كل يوم، نرتدي فيها أقنعة من كلمات منمقة، وصور مصقولة بكل عناية، كأننا نحاول أن نغطي شحوب الواقع بزيف ناصع كالثلج.

إنه عالم رهيب، تتوه فيه الحدود بين الصدق والكذب، بين الحلم والحقيقة، بين ما نكونه حقا وما نريد للآخرين أن يروه فينا.

نختبئ خلف الشاشات كأنها دروع تحمينا من أنفسنا، نرسم البسمة حتى وإن كانت قلوبنا تئن، نكتب عن النجاحات و كأن الفشل لم يمر بنا يوما.

الجميع أبطال قصص لم يعيشونها، وحكماء حكمة لم يدركونها، و كأن الحياة صارت مجرد مشهد مسرحي نعرضه للمتابعين.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل هذا الهروب يمنحنا السعادة؟ أم أنه فقط يزيد من غربتنا عن أنفسنا؟ نغرق في بحر من الإعجابات والتعليقات، نبحث عن تأييد الآخرين، لنعوض بذلك نقصا لا نجرؤ على مواجهته. فنعيش في دوامة لا تنتهي، نلهث وراء وهم لا وجود له، وننغمس في هذا العالم الرقمي حتى نفقد الاتصال بواقعنا الحقيقي، و بالوجوه التي نحبها، و الأصوات التي نرتاح لها، و الأحاسيس التي لا تحتاج إلى “إشارة إعجاب” لتثبت وجودها.

لكن رغم ذلك، يبقى هذا العالم الافتراضي يحمل لنا أحيانا بريقا من الأمل، وأصدقاء لم نلتق بهم وجها لوجه، ومواقف لربما ألهمتنا، أو أنارت لنا طريقا وسط كومة من الشكوك و الآلام

إنها مفارقة غريبة، أن نجد في هذا الزيف بعض الحقائق، وفي هذا الهروب بعض الأمان، ولكن، هل سنظل نرقص في هذه الحفلة التنكرية للأبد؟ أم أننا سنعود يوما لمواجهة ملامحنا الحقيقية، بكل ما فيها من عيوب وجمال

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى