صفات الرفيق الصديق .. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الحمد لله استوى على عرشه فوق سبع سموات طباق وجعل الأرض مهدا وأجرى فوقها ماء يراق، أحمده سبحانه وأشكره حث على الألفة والوئام والوفاق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وعد عباده المؤمنين المتقين جنات بها ثمر حلو المذاق، وتوعد من أعرض عن دينه بعذاب في النار لا يطاق، وأشهد أن نبينا وسيدنا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله بغض للأمة أمر الطلاق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد إن من صاحب أهل الخير نال من بركتهم وهذا المعنى الطيب ظاهر بوضوح في قصة أصحاب الكهف حيث نال حيوان بهيم وهو كلب الفتية بركة صحبتهم، وقال أبو الفضل الجوهري رحمه الله “ان من أحب أهل الخير نال من بركتهم، كلب أحب أهل فضل وصحبهم، فذكره الله في محكم تنزيله”
وقال القرطبي رحمه الله فما ظنك بالمؤمنين الموحدين المخالطين المحبين للأولياء والصالحين، بل في هذا تسلية وأنس للمؤمنين المقصرين عن درجات الكمال، المحبين للنبي صلى الله عليه وسلم ” وقال شيخ ابن كثير رحمه الله “شملت كلبهم بركتهم، فأصابه ما أصابهم من القوم على تلك الحال، وهذه فائدة صحبة الأخيار” وقال الإمام النووي رحمه الله ” الحث على مصاحبة أهل الدين في كل شيء لأن صاحبهم يستفيد من أخلاقهم، وحسن طرائقهم، ويأمن المفسدة من جهتهم” وندب أهل التحقيق إلى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعا من التلبس بشيء من النقائص إحتراما لهم، وإستحياء منهم، فالشاب والكبير والصغير والرجل والمرأة إذا كان بنفسه أتاه الشيطان.
وأما إذا كان مع أصحاب له يعينونه على الهدى، فهم جلاء القلب الذي يبعدون عنه الصدأ، ويجعلون الخير محبّبا إليه، ويجعلون الشر مبغضا إليه، وقال الإمام ابن حبان رحمه الله الواجب ألا يعد في الأدواء إخاء من لم يواسه في الضراء، ولم يشاركه في السراء، ورب أخي إخاء خير من أخي ولادة، وقال الإمام السلمي رحمه الله لا يصحب إلا عاقلا، وعالما، وحليما، وتقيا، قال ذو النون ما خلع الله على عبد من عبيده خلعة أحسن من العقل، ولا قلده الله قلادة أجمل من العلم، ولا زينه بزينة أفضل من الحلم، وكمال ذلك التقوى، وقال الإمام النووي رحمه الله صديق الإنسان ومحبه هو من سعى في عمارة آخرته، وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه، وعدوه من سعى في ذهاب أو نقص آخرته وإن حصل بسبب ذلك صورة نفع في دنياه.
وقال العلَّامة محب الدين الخطيب رحمه الله كان لي أخ، هو أعظم الناس في عيني، وكان رأس ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجا من سلطان بطنه، فلا يشتهي ما لا يجد، ولا يكثر إذا وجد، وكان خارجا من سلطان لسانه، فلا يتكلم بما لا يعلم، ولا يماري فيما علم، وكان أكثر دهره صامتا، فإذا قال بذ القائلين، وكان يرى ضعيفا مستضعفا، فإذا جد الجد فهو الليث عاديا، وكان لا يشكو وجعه إلا عند من يرجو عنده البرء، ولا يستشير صاحبا إلا أن يرجو منه النصيحة، فالأخ الصالح، والصديق الصادق جوهرة ثمينة، حيث قال الإمام عبدالله بن المبارك رحمه الله ما أعياني شيء كما أعياني أني لا أجد أخا في الله تعالي.