عواقب الكبر والتكبر في الدنيا .. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظلم الشهوات، وأخلص عقولهم عن ظلم الشبهات، أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة، وبراهين عظمته القاهرة، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله، واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات، شهادة تقود قائلها إلى الجنات وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، والمبعوث إلى كافة البريات، بالآيات المعجزات، والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة، وأصحابه الفضلاء الثقات، وعلى أتباعهم بإحسان، وسلم كثيرا ثم أما بعد كم من أناس أقوياء جسام ولكنهم من الداخل خواء فعلام يتكبرون ؟ وانظر إلى الأمم السابقة الذين تجبروا بقوتهم وكيف كانت نهايتهم ؟ 

فهذه عاد تجبرت وتكبرت بقوتها فكيف كانت نهايتها؟ وعن مطرف بن عبد الله بن الشخير أنه رأى المهلب وهو يتبختر في جبة خز، فقال يا عبد الله هذه مشية يبغضها الله ورسوله فقال له المهلب أما تعرفني؟ فقال بلي، أعرفك، أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذرة، فمضى المهلب وترك مشيته تلك، وعليك أن تتذكر يا ابن آدم أنك تنتنك عرقة وتؤذيك بقّة وتقتلك شرقة، فكيف تتكبر وهذا حالك؟ وإنظر كيف كان عاقبة المتكبرين من الأمم السابقة كما ذكرت في القرآن الكريم كمثل قارون وفرعون وعاد وغيرهم، وانظر إلى هذا الرجل الذي منعه الكبر أن يأكل بيمينه وانظر إلي صاحب الجنتين من أعناب، وأما في الآخرة فقد تواترت السنة النبوية في الحديث عن ما أعده الله من عقوبات للمتكبرين في الآخرة. 

وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم أن أكثر أهل الجنة الضعفاء وأكثر أهل النار المتكبرون، وهكذا كانت عواقب الكبر والتكبر في الدنيا من المقت والبغض والكراهية، وتنتهي بالهلاك والدمار كما حل بالأمم السابقة، ناهيك عن الذل والعذاب الذي أعده الله للمتكبرين في الآخرة، واعلموا يرحمكم الله أن العبادات أمانة، والغسل من الجنابة أمانة وطهارة المرأة من الحيض والنفاس بعد الطهر أمانة، فلا بد من أداء هذه الأمانة، بأداء الواجب فيها على وجه الديانة، وإلا كان ذلك فضيحة وندامة يوم القيامة، وكما أن الوظائف في الدولة ولدى الشركات والمؤسسات والأشخاص أمانة في أعناق الموظفين، فإنهم على أعمالهم مؤتمنون فينبغي لكل موظف أن يتقي الله في نفسه، وفي سبب رزقه، فيحسن في عمله إبتغاء وجه الله، ونصحا لعباد الله. 

وليحذر من المحاباة والمجاراة، بل يقوم بحفظ ما اؤتمن عليه، وأن يحفظ سر ما استودع عنده لذويه، وأن يحذر أن يدخل عليه شيء منه، وأن يذود جهده أيدي الخونة عنه، وإلا فضحه الله تعالي يوم المعاد، على رؤوس الأشهاد، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من إستعملناه على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه، كان غلولا يأتي به يوم القيامة” حتى ولو كانت الشركات أجنبية، فحقوقها بعقدها مع دولة الإسلام مرعية، فإنهم بذلك صاروا معاهدين لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين فتحرم دماؤهم وأموالهم كما تحرم أموال المسلمين، ومن أخفر معاهدا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، أسأل الله أن يقر أعيننا بنصر عباده المؤمنين وان يوفقنا وإياهم لما يحب ويرضى وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه وسلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى