الدكـــروري يكتب: سوء العاقبة وخطر الخيانة

 

 

الحمد لله على عباده جاد، بدأهم بالفضل وله عليهم أعاد، آلائه عليهم سابغة ما خفيّ منها أعظم مما هو باد في فضله يتقلبون فهو عليهم ما بين طريف وتلاد وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ما مرّ تال بذكر قوم هود عاد ثم أما بعد اتقوا الله عباد الله واعلموا أن الأمانة من أبرز أخلاق الرسل عليهم الصلاة والسلام، فأنبياء الله نوح وهود وصالح ولوط وشعيب يخبرنا الله عز وجل في سورة الشعراء أن كل واحد منهم قد قال لقومه ” إني لكم رسول أمين ” ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أمين الله في الأرض على الرسالة، فهو الذي يبلغ عن ربه هذا الدين العظيم وقد كان مشهورا بالأمانة في قومه قبل الرسالة، فقد كانوا يلقبونه محمد الأمين صلى الله عليه وسلم.

وجبريل عليه السلام أمين وحي السماء، فقد وصفه الله بذلك في قوله تعالى ” وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ” فأمر الأمانة عظيم وخطر التفريط فيها جسيم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان ” رواه البخاري ومسلم، فأي فوز وأي نجاة وأي نصر يرجوه المسلم عندما يتعامل مع إخوانه المسلمين بالخيانة وعدم الأمانة، بل بالكذب والغش والتدليس والسرقة، وإن التفريط في الأمانة وصمة عار في جبين المفرط ووسام ذل وخيانة يحيط بعنقه، وأي خسارة أعظم من أن يكون المسلم في عداد المنافقين، ولقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن المفرط في الأمانة والخائن فيها

هو في عداد المنافقين الذين توعدهم الله تعالى بأقسى العقوبة وأسفل مكان في النار، فقال تعالى ” إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ” فاحذروا عباد الله من سوء العاقبة وخطر الخيانة والكذب على المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ” رواه أبو داود، ولم تكن الأمانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم له وحده بل كان يأمر الناس بها فقد أخرج الإمام أحمد عن أم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها في حديث هجرة الحبشة، ومن كلام جعفر في مخاطبة النجاشي فقال له “أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه.

فدعانا إلى الله، لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، قال فعدد عليه أمور الإسلام، فصدقناه وآمنا، واتبعناه على ما جاء به” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن نفسه “أما والله إني لأمين في السماء وأمين في الأرض” رواه الطبراني، وعند البخاري بلفظ “ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء؟ “

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى