عاقبة الظالم في سائر الأوقات والأزمان .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، ثم أما بعد لقد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن شهر رجب المحرم وأما القتال في هذه الأشهر الحرم فتحريمه من بقايا دين الخليل إبراهيم عليه السلام، الذي تمسك به العرب في جاهليتهم، وحكمه في شرعنا أن القتال على نوعين، هو قتال دفع كما لو هوجم المسلمون من قبل أعدائهم، فهنا يقاتل المسلمون ولو كانوا في الأشهر الحرم بإتفاق العلماء، وإذا كانت هذه عاقبة الظالم في سائر الأوقات والأزمان فكيف بالظالم المعتدي في هذه الأشهر الحرم، وفي هذه الأيام العظام
ولهذا قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لأصحابه، عن أبى بكرة رضى الله عنه، قال خطبنا النبى صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فقال ” أتدرون أى يوم هذا ؟” قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت النبى صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال صلى الله عليه وسلم ” أليس يوم النحر؟” قلنا بلى قال ” أى شهر هذا؟ ” قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال ” أليس ذو الحجة” قلنا بلى، فقال صلى الله عليه وسلم ” أى بلد هذا؟” قلنا الله ورسله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير إسمه، قال ” أليست بالبلدة الحرام؟” قلنا بلى، قال ” فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، فى شهركم هذا، فى بلدكم هذا، إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت” قالوا نعم، فقال صلى الله عليه وسلم ” اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض”
ولهذا فينبغي على المسلم أن يكون في هذه الأشهر أكثر إبتعادا عن الذنوب والآثام، وتوقيا لكل ما يغضب الله عز وجل، فيبتعد عن ظلمه لربه بالإشراك به سبحانه، وصرف شيء من العبادة لغيره عز وجل، ويبتعد عن ظلمه لإخوانه بالإعتداء عليهم وسفك دمائهم، أو أكل أموالهم وحقوقهم، أو الولوغ في أعراضهم، ونهش لحومهم، وتتبع عوراتهم، وإفشاء أسرارهم، وإلحاق الأذى بهم، ويبتعد عن ظلمه لنفسه، والإساءة إلى شخصه، بمعصيته لخالقه، وخاصة ما يتساهل فيه بعض الناس من صغائر الذنوب ومحقرات المعاصى، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه، قال إنكم لتملون أعمالا هى أدق فى أعينكم من الشعر، إن كنا نعدها على عهد النبى صلى الله عليه وسلم الموبقات، وقال أبو عبد الله يعنى المهلكات” وقد سمي رجب مضر لأن مضر كانت لا تغيره.
بل توقعه في وقته بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم وهو النسيء المذكور في قوله تعالى “إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله” وقيل أن سبب نسبته إلى مضر أنها كانت تزيد في تعظيمه وإحترامه فنسب إليهم لذلك، وفى سبب تسمية شهر رجب، فقد قال إبن فارس في معجم مقاييس اللغة، بأن رجب، الراء والجيم والباء أصل يدل على دعم شيء بشيء وتقويته، ومن هذا الباب رجبت الشيء أي عظمته، فسمي رجبا لأنهم كانوا يعظمونه وقد عظمته الشريعة أيضا، وقد كان أهل الجاهلية يسمون شهر رجب مُنصل الأسنة كما جاء عن أبي رجاء العطاردي قال كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه ألقيناه وأخذنا الآخر.
فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة أى كوم من تراب، ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به، فإذا دخل شهر رجب قلنا مُنصل الأسنة فلا ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه في شهر رجب” رواه البخارى، وقال البيهقي كان أهل الجاهلية يعظمون هذه الأشهر الحرم وخاصة شهر رجب فكانوا لا يقاتلون فيه.