«القوة الناعمة الصينية».. كتاب جديد للدكتورة هبة صادق

صدر حديثا كتاب “القوة الناعمة الصينية” للدكتورة هبة صادق مدرس الإعلام بجامعة قناة السويس؛ حيث تناول الكتاب أهمية وتأثير القوة الناعمة في العالم خاصة ما تقوم به الصين من استخدام لتلك القوة في كافة المجالات.

وتشير الكاتبة إلى أن الباحثين والمهتمين بالعلاقات الدولية لا يختلفون على أن التاريخ الإنساني محكوم بالقوة، لكن أشكال القوة تختلف من عصر إلى آخر، فقد كانت القوة العسكرية هي الحاكمة في عصر المجتمع الزراعي، ثم بدأت القوة الاقتصادية تتعاظم لتصبح أبرز مظاهر القوة مع الانتقال إلى المجتمع الصناعي، واليوم يشهد العالم تحولًا حاسمًا مع الانتقال إلى ما يسمى بـ”عصر المعرفة”؛ بحيث أصبحت القوة المعلوماتية وتقنياتها والقوة الإعلامية هي الأقدر على إنتاج القيمة المضافة العالمية، بل وأكثر من ذلك، فلم يعد بمقدور بلدٍ ما أن يكون قويًا عسكريًا واقتصاديًا دون أن يتمكن من توظيف قواه الناعمة، والتي من أهم مواردها وسائل الإعلام وتكنولوجيا الاتصال.

وأوضحت الدكتورة هبة صادق أن القوة الناعمة أصبحت اليوم أسلوبًا مهمًا للتأثير على العقول، وكسب العواطف، ومعرفة سلوك الشعوب واتجاهاتها وميولها، وكان التسامح وقبول الآخر بعقلية متفتحة من أبرز عوامل صعود القوة الناعمة؛ حيث أصبح لها دور كبير في معالجة الأزمات الدولية والتحديات التي تواجه الدبلوماسية الرسمية، فكانت قوة دعم ومساندة في العديد من القضايا، ومهدت لإبرام الاتفاقيات والمعاهدات الاقتصادية، وإنشاء التحالفات على مستوى الدول، كما تعد القوة الناعمة في الوقت الحاضر أداة أساسية لزيادة النفوذ والحضور الفاعل القائم على استراتيجية تعزيز سمعة الدولة وصورتها الذهنية، وبناء هويتها التنافسية ومكانتها على المستويين  الإقليمي والعالمي، كما مكنت العديد من الدول من نشر وتأمين سياستها الخارجية، ومهدت الطريق لجذب مزيد من حلفائها عبر قوتها الناعمة، حيث تتعدد أدوات القوة الناعمة التي تستخدمها الدول؛ فهناك الجانب الثقافي بما يحمله من موروث شعبي متنوع من عادات وفنون وأسلوب الحياة والحكم الرشيد، وصولًا إلى القوة الإعلامية والمعلوماتية وقوة العلاقات العامة الدولية.

وتوضح فصول الكتاب أن الدول في عالم اليوم بحاجة لإدراك أهمية القوة الناعمة وفهمها، وذلك لامتلاك ميزة تنافسية، حيث أصبحت القدرة التنافسية للدول إحدى ضرورات العولمة ومن أسس التنمية بكافة أشكالها، ومع تزايد حدة المنافسة، لم تعد مسألة القدرة التنافسية تقتصر على المؤسسات والشركات، بل تعدتها إلى الدول، حيث أصبح القائمون على  سياساتها يسعون لإيجاد أنسب وأحسن الطرق لتعزيز قدرة دولهم التنافسية، والترويج لعلاماتهم الوطنية، وذلك باستخدام موارد القوة الناعمة التي تمتلكها كل دولة. وستواجه الدول التي تفتقد القدرة التنافسية صعوبات متعددة في التجارة والتعاون مع البلدان الأخرى؛ فتخسر حصتها العالمية من الأسواق والمستهلكين والسائحين والمستثمرين، ثم تخسر اهتمام العالم بها وبشعبها.

وتقول الدكتورة هبة صادق -في كتابها الجديد-  إن السنوات الأخيرة شهدت سعيًا متزايدًا من قبل الصين لاستخدام القوة الناعمة إلى جانب استخدامها التقليدي للقوة الصلبة، وهذا ما حدا بها إلى زيادة الاهتمام بتوظيف دبلوماسيتها العامة والدعاية والعلاقات العامة ووسائل إعلامها لإبراز ثقافتها وسياساتها، كما أن الطابع السلمي لسياستها جعل من القوة الناعمة جزءًا من استراتيجية الصين الكبرى لتحقيق الصعود السلمي. وقد حرصت دولة الصين منذ زمن طويل على إقامة علاقات دولية ناجحة ودائمة مع جميع دول العالم، لاسيما المنطقة العربية، وظهر ذلك في دعمها للقضايا العادلة للأمة العربية.

وتعمل الصين اليوم على تطوير قواها الناعمة واستخدام مواردها وأدواتها لجذب شعوب العالم إليها، وتسعى إلى استخدام ثقافتها وقيمها ووسائل إعلامها للتواصل مع شعوب الدول الأخرى، وذلك لدعم وتعزيز قدرتها التنافسية، ومن هنا يرصد الكتاب الأنشطة الاتصالية للقوة الناعمة الصينية ودورها في تعزيز قدرتها التنافسية، حيث يكتسب موضوع الأنشطة الاتصالية المستخدمة في برامج القوة الناعمة الصينية أهمية خاصة في ظل التطور التكنولوجي، وما رافقه من تطور وسائل الإعلام وسعيها إلى مخاطبة شعوب الدول الأخرى بلغتها الأم، للترويج لثقافتها وهويتها وحضارتها وتفوقها وإنجازاتها.

ولاحظت الكاتبة أن هناك قلة في الدراسات العربية والمصرية التي اهتمت بتناول موضوع الأنشطة الاتصالية للقوة الناعمة ودورها في بناء قدرتها التنافسية للدولة، بينما تعددت الدراسات الأجنبية التي تناولت وعالجت أدوات ومصادر القوة الناعمة، والتي منها وسائل الإعلام بمختلف أشكالها. وسعت العديد من الدراسات السابقة- وخاصةً الأجنبية منها- إلى التعرف على دور وسائل الإعلام والعلاقات العامة الدولية في برامج القوة الناعمة للدولة، وإبراز دور العلاقات العامة الدولية باعتبارها تعنى بالدرجة الأولى بإدارة الصورة الذهنية للدولة وإلى توظيف القوة الناعمة مستخدمة العديد من الأدوات، أهمها الإعلام، فضلًا عن المؤسسات المتخصصة في الترويج للدول وأنظمتها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى