مشاكل الجوار موجودة في المجتمع .. بقلم الكاتب/ محمـــد الدكـــرورى

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد إن إفشاء السلام من خلق المسلم، وهو أحسن ما يوطّد العلاقة بين الجيران وعموم الناس، كما دلّ على ذلك حديث رسول الله المصطفي صلى الله عليه وسلم، الذي يقول فيه ” لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ” رواه مسلم، ويدخل في باب إفشاء السلام التهنئة والتبريك في الأعياد والمناسبات الإجتماعية، ومن الأفضل أن يكون المرء هو البادئ والمبادر بالسلام والتهنئة.

وذلك عند الإلتقاء الطبيعي على باب العمارة أو في المصعد مثلا تأسيا بقوله عليه الصلاة والسلام ” السلام اسم من أسماء الله تعالى، وضعه في الأرض، فأفشوه بينكم فإن الرجل المسلم إذا مرّ بقوم فسلم عليهم فردوا عليه، كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردّوا عليه ردّ عليه من هو خير منهم ” رواه البزار، على أنه في المناسبات والأعياد يستحسن التوجه إلى الجار في مسكنه لتهنئته، خصوصا الجار القريب، واعلموا يرحمكم الله بأن مشاكل الجوار كانت دائما موجودة في المجتمع، وكانت غالبا ما تحل بالصلح وبالتسامح وبطرق عرفية، أما اليوم، فقد ازدادت هذه المشاكل وتعقدت، وأصبح الكثير منها لا يعرف طريقا للحل إلا عبر المحاكم، خصوصا مع إرتفاع نسبة التحضر ومع الإنتشار الواسع للسكن الجماعي على شكل عمارات وإقامات.

ولعل الحل الحقيقي كان دائما وسيبقى بيد الأسرة التي تربت على أخلاق الإسلام السمحة، القائمة على قيم التضامن والتسامح وغيرها من القيم التي أصبحت تضعف للأسف شيئا فشيئا، وإن الإحسان إلى الجيران أمر إلهي يجب الامتثال إليه، وبالتالي فسوء الجوار مخالفة لأمر الله تعالي ومعصية له، والأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على حسن الجوار كثيرة من بينها ” مازال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه ” رواه البخاري، وحديث ” ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُكرم جاره ” رواه البخاري، وعند الإمام مسلم ” فليحسن إلى جاره ” وحديث ” والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه ” رواه مسلم، وكذلك حديث ” خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره ” رواه الترمذي

أما بالنسبة لحدود الجوار، فلم يرد نصّ واضح في ذلك، وبالتالي إختلف الأئمة والعلماء في تحديد عدد الجيران، وما هو شائع عند الناس هو أربعون دارا من كل ناحية، ولكن الصحيح والله أعلم أن التحديد مسألة عرفية، فحدود الجوار ما تعارف الناس عليها، وأضيف إلى ذلك حدود الجوار هي الحد الذي قد يصل إليه ضررك أو يصل إليك ضرر الآخرين، فالمقياس هو الضرر لأنه مقدم على المنفعة، أما عن أصناف الجيران، فقد حددت الآية الكريمة من سورة النساء عددهم في ثلاثة وهم ” الجار ذو القربى ” وقد إختلف المفسرون في معنى ” الجار ذي القربى ” هل هو الجار القريب بالنسب، أم القريب بالقرب المكاني، أي المحاذي لك والأقرب لك من الجيران الآخرين، وأيضا ” الجار الجنب ” أي الجار البعيد عنك وغير المحاذي لك، كما يدل المعنى على الجار البعيد عنك في النسب، 

وأيضا ” الصاحب بالجنب ” وهو الجار المؤقت ولعل الإشارة إليه بكلمة “الصاحب” بدل “الجار” هي للتمييز بينه وبين الجار القارّ، وهناك في بعض التفاسير من ذهب إلى أن المقصود في الآية هو الزوجة أو الرفيق في السفر، وليس الجار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى