الزهرة العناق تكتب: مسؤولية الآباء بين الغياب و المراجعة

في خضم الحياة المتسارعة، وبين زحام الالتزامات و المشاغل اليومية، تلاشت الكثير من القيم الأسرية، وأصبحت مسؤولية الآباء تجاه أبنائهم في عداد المفقودين. لم يعد الأب ذاك الحاضر الموجه، المربي، و المسؤول، ولم تعد الأم تلك الحاضنة الهادئة، بل طغت أعباء الحياة على مشاعر الدفء والتربية، فترك الأبناء فريسة للعالم الافتراضي، و أصبحوا يبحثون عن القدوة في أماكن قد تضلهم أكثر مما ترشدهم.

أين دور الآباء في بناء الأجيال؟

إن مسؤولية الأبوة لا تقتصر على تأمين المأكل و المشرب والتعليم، بل تتعداها إلى تنشئة جيل متوازن، قادر على مواجهة تحديات الحياة، مؤمن بقيمه، و واع لما حوله.

قال رسول الله ﷺ: “كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته”

فكيف يتنصل البعض من هذه الأمانة العظيمة؟

لقد أصبح كثير من الآباء مجرد ممولين لأبنائهم، يظنون أن الواجب الأبوي ينتهي عند توفير الاحتياجات المادية، بينما نسوا أن الطفل يحتاج إلى أب يحاوره، وأم تحتويه، و أسرة تمنحه الإرشاد والقيم. غياب هذا الدور يجعل الأبناء يبحثون عن بدائل، قد تكون مدمرة لمستقبلهم، فتجرفهم تيارات الغزو الفكري، و تقودهم إلى طرق وعرة.

هل حان وقت المراجعة؟

على كل أب وأم أن يسألوا أنفسهم:

متى آخر مرة جلست مع ابنك و تحاورت معه بصدق

هل تمثل له القدوة الحسنة في أخلاقك و سلوكك؟

هل تعرف نقاط ضعفه و محاسنه و مساوئه؟

و هل فكرت يوما أن تسأله عن مخططاته و أهدافه المستقبلية و تحدياته ، أم تركز فقط على المعدل و أعلى نقطة ، و في حالة حصوله على نقطة لم ترضيك، اتجهت إلى استعمال العنف و الضرب؟

إن إعادة النظر في علاقتنا بأبنائنا لم تعد خيارا، بل أصبحت ضرورة ملحة. فالتربية ليست مجرد أوامر و نواهي، بل هي مشاركة وجدانية، وحضور حقيقي في تفاصيل حياة الطفل، و إرشاد حكيم بعيدا عن التسلط.

أخيرا وليس آخرا، إن الآباء الذين يغفلون عن أبنائهم اليوم، سيجدون أنفسهم غدًا غرباء عنهم. فالأبناء يكبرون، لكن الأثر الذي يتركه الوالدان في نفوسهم يبقى خالدا. لنعد إلى دورنا الحقيقي، قبل أن نفقد أبناءنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى