الزهرة العناق تكتب: العالم محطة عبور لا إقامة

 

هل تعلم أن العالم في جوهره، ما هو إلا لحظة اختبار، وفترة مؤقتة نمنح فيها حرية الاختيار، لنشكل بالوجع، ونتجلى بالصبر، و نصاغ من جديد كلما خسرنا شيئا كنا نظنه لا يعوض.

في هذا العالم نحيا، نركض، نرتب تفاصيل الغد كأننا خالدون، نعلق قلوبنا على رفوف التمني، و ننخدع ببريق العالم، نغفل أنه ليس وطنا، بل معبر عابر إلى مصير أبدي.

و في خضم ما نعيشه، يبحث البعض عن الحقيقة في المعادلات، معتمدين على الأدوات العلمية وحدها، ظانين أنهم بها يمسكون بجوهر الوجود. غير أن معظم الحقائق لا تقاس بالتحاليل ولا تفسر بالمختبرات؛ فالله – الذي تتساءل عنه العقول المثقلة بالشك – لا يحاط بالحواس، بل يحس به في عمق الفطرة، ويرى ببصيرة القلب.

هو الله الذي تدمع له الروح دون أن تبصره، ويطمئن له القلب دون أن تلامسه يد، تحس بوجوده حين يعجز الطب عن الشفاء، ويخذل العلم التفسير، ويكون الدعاء هو المخرج الوحيد.

الظلم؟ الفقر؟ الحروب؟ ليست أدلة على غياب العدل الإلهي، بل مرايا تكشف معدن الإنسان، وتمحص جوهره، في ميدان الابتلاء. لو خلت الحياة من الألم، ما عرفنا قيمة العدل، ولو زال الحزن، لما ارتقينا بمعاني الرحمة.

إنه مجرد عبور، عبور نبتلى فيه، لا لنتعذب، بل لنطهر قلوبنا من الأمراض، لا لنيأس، بل لنتعلق بمن لا يزول، برب العالمين. ففي كل محنة منحة، تختبر درجاتنا، وتسجل ردود أفعالنا، و تقاس أعماق إيماننا.

فيا من تبحث عن الله في المختبرات

ابحث عنه في لحظة ضعف

حين تناديه من عمق ألمك دون أن تراه

فيستجيب

ويا من تنتظر دليلا

إنك أنت الدليل

وروحك تحمل البصمة

وسكينتك التي تنزل فجأة بعد انكسارك

هي النداء

وهو الجواب

الله لا يرى بالعين

ولكن يشعر به حين يعجز كل شيء

الله هو السلام حين يعم الخراب

هو الرفيق حين يخون الجميع

هو الذي إن ناديته

استجاب بلا وسيط

وإن بكيت

مسح دمعتك دون أن يراك أحد

آمن يا أنت

ولا تلتفت

فالعالم عبور

والثبات على اليقين

أعظم نصر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى