مقصورة الخيال وفهم المحال .. بقلم الكاتب: محمد ابراهيم الشقيفي

قبل أن يهجع القلم إلى مضجع مقصورة الخيال ، ويعقد عهداً مشروطا بالوفاء ، رغبة في الخروج من ضيق الخندق إلى متسع المجال ، يتزود المعقول بوقود معنوي يؤهل أحلام اليقظة بتكتيكية القدرة على البقاء بالرغم من الجمود الذي أصاب الواقع الثقافي، و من أجل أن يتشابك الفكر مع تلك المفاهيم التي تتجاوز حدود منطقية القول ، يجب أن يسترسل اللون الأزرق ويندرج تحت لواء الأعمق ، ويتناغم فوق سطور الصفحات البيضاء من أجل أن ينشق غبار الفهم استنباطا؛ ليواكب عالم الواقع ، فكرة وجواد عوالم أخرى خفية تدور فى فلك الزمان، وكأننا نسافر عبر بوابة الخيال العلمي ، فنقابل مسبقاً ماسيحدث من ابتكارات تتجانس داخل إطار الصورة البشرية.
نحتاج أن نعبر بعيدا عن أزماتنا المفتعلة من لاشىء إلى شاطئ تأملي ، ونرسم أشكالا مستقبلية خارج حدود الحياة العادية ، رغبة في زيادة رقعة حيز الارتقاء ، والاهتمام بالتفاصيل الأكثر دقة ، دون أن نسارع إلى الاغتراب بعد الاقتراب من فضاء يعج بعوالم خفية.
نحن فى أمس إلى تكاتف الأحاسيس ، لنتلاحم مع المشاعر المرهقة ، نتعلم كيفية التعامل والاشتباك في ظل تصاعد أدخنة اللعنة حينما تأتينا الأزمات العاطفية فى ركاب عظيمة.
نحتاج إلى أدب الخيال العلمي لكن بوعي وثقافة علمية، ورغم أن (جول فيرن ) يعد أول مخترع لمصباح أوقد شمعة من قتمير نواة الخيال، إلا أن الساحة العربية مكتظة برواد الخيال العلمي الممتد إلى دائرة عمق التعبير بألفاظ مجازية مفعمة بجماليات السرد فى أدب الخيال العلمي .
نجد عبر خريف البحث فى فصول الربيع ، من ساهم بإثراء المكتبات بعشرات المؤلفات ليقتحم بها بوابة الوعي الكوني ، ومن مصر تثمر شجرة الخيال غصن تقف على إحدى فروعه الكاتبة المصرية ابنة محافظة بورسعيد الباسلة الدكتورة / عطيات أبو العينين ، كبير المذيعين بالإذاعة والتليفزيون المصري ، عازفة على قيثارة الروائع ، الحاصلة على ليسانس الآداب قسم علم النفس جامعة القاهرة ، والتي ساعدتها دراستها البحثية فى تحريك المياة الراكدة ، لتمضي سفينة الأدب فى اتجاهات مختلفة دون أن تصطدم بالجليد المتحجر، تحدثت عن أنماط الشخصية وحددت عبر بوصلة تحديد المسار بداية الاختبار لشريك الحياة ، غاصت ككاتبة فى المعارف المتعلقة بأسرار النفس البشرية ، عنونت وفهرست الفصول والأبواب فى إحدي روائعها العلمية لنتمكن بعد المطالعة من كيفية التعامل مع الشخصيات الإنطوائية أو الانبساطية ، ومن خلال رؤيتها العلمية كباحثة ماجستير ، أبرزت الجانب الإيجابي في السلوك الذي يسمح للشخصية بالتصرف بهدف لحظة الاغتراب النفسي .
عالجت ظاهرة الاغتراب لدي الشباب فى ضوء المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، لتحصل بهذا العنوان على رسالة الماجستير من جامعة عين شمس بتقدير ممتاز.
إنها الروائية المتنوعة فى تحليل النص من منظور علم النفس وإتباع أساليبه، تناولت فى رواية السعار ، مشكلة الاختيار الخاطيء للشريكين، لاقتفاء المسار السوي فى اختيار شريك الحياة الزوجية .
كما تحدثت كمتخصصة عن أبعاد العزلة الاجتماعية، نحن أمام المعقول واللامعقول، اجتمعن فى صبغة متجانسة، أفرزت لنا كاتبة وقاصة من فئة محترفة، فقد شاركت الدكتوره عطيات الحاصلة على جائزة القوات المسلحة للشؤون المعنوية في القصة القصيرة عن قصة ليلة الزفاف، وذلك فى إبراز النماذج المشرفة للمرأة فى كافة المجالات.
كما قدمت البرامج الداعمة لفكرتها والدافعة لاستمرارية المرأة في دروب الطموح ، فقدمت حواء ضابط شرطة كأنها توجه البوصلة نحو فكر إبداعي جديد.
وإن عدنا للخيال وخاصة العلمي لوجدنا لغة التفرد ، خاصة وإذا كان المتحدث أديب يعود إلى مدرسة رواد هذا النوع الذي يحتاج إلى دارس؛ إضافة إلى الموهبة، ليبقى تصويره للخيال مرتبطاً بالبيولوجيا، كالجانب السلوكي والبيئي. أبرزت عضو اتحاد الكتاب بمصر؛ أبعاد الخيال الذي يشكل صلصال ثقافي يغير به شكل الواقع، وذلك من خلال أدب الخيال العلمي الذي يحتاج للبحث والتقصي في العلم؛ بأسلوب اعتمدت فيه الكاتبة على الإثارة والتشويق مستندة في كتاباتها على العلم.
وإن كنا فى المقام الأول نحاول إبراز بصمة المرأة ، من غير تكوين رأي يعتمد على الأهواء الشخصية ، لكن ارتباط النص بالخيال العلمي وضعنا أمام قاعدة (عندما تتخيل فأنت تصنع فى عقلك ماسيتحقق فى سواء في واقعك أو ما سيتحقق في المستقبل.
وإن كان “إسحاق أزيموف” من أعظم الكتاب الذين تناولوا جوانب الخيال العلمي، إلا أن أرض الكنانة تتمتع بخصوبة العطاء في أدب الخيال العلمي. فنجح رواده بمصر كمن على شاكلة كتابنا المميزين توفيق الحكيم ، نهاد شريف ، مصطفى محمود، الكاتب والسيناريست د./صلاح معاطي الذي قدم أعمالا عديدة في هذا المجال تتعدي الأربعين عملا .
فى بلورة أدب الخيال العلمي فى مشاهد نقاشية تناولت أنواع الخيال فى البلاغة، عبر نافذة القصة أو شرفة خاصة بأحداث قصيرة تكمن في الرواية، ونجحت صاحبة رسالة الدكتوراه في الأدب والفلسفة بمرتبة الشرف الأولي في( ديناميات الاختيار الزواجي وعلاقته ببعض المتغيرات النفسية والاجتماعية ) فى أن تكون امتداد لجيل العباقرة ، أبرزت رئيس شعبة الخيال العلمي باتحاد الكتاب عام 2015 ،2016 حالة الاضطراب التي يمر بها الخيال العلمي فى بوتقة الأدب المصري ، ثم عالجت كثيراً من القصور عبر قنوات شرعية ، كانت ضمن المؤسسين لصالون الخيال العلمي بمنزل الراحل العملاق رائد أدب الخيال العلمي الاستاذ/ نهاد شريف ، والذي أقامته عائلة الراحل.
ناقشت حالة الضباب المتعلقة بتلك الغشاوة ،فى أول مؤتمر الذي أسفر عن ثلاثة وعشرين دراسة في أدب الخيال العلمي بين العلم والخرافة ، وحين نتدبر أسلوبها الأمثل يتمكن القارئ من الالتفات سريعاً إلى التنبؤ بما يمكن أن يحدث في المستقبل ، بسبب ما يشاهده من ابتكارات متعلقة بمجال التكنولوجيا ، فتستطيع من طرائق سردها المبهر أن يتكشف لنا ما يهدف له الخيال العلمي ، وعلاقة البشرية المباشرة بالتقدم العلمي .